كاتب مصري: على العرب ألا يخطئوا في ليبيا كما فعلوا في العراق
أكد الكاتب الصحفي المصري، عماد الدين حسين، رئيس تحرير جريدة الشروق، عضو مجلس الشيوخ المصري، أنه يتمنى ألا يخطئ العرب في ليبيا، كما فعلوا مع العراق بعد الغزو الأمريكي الهمجي في مارس 2003.
وقال حسين في مقال له بجريدة «الشروق» المصرية: “في هذا الوقت فإن الحكومات ومعها الأحزاب والقوى السياسية والمجتمع المدني العربي، ارتكبوا خطأ قاتلا، حينما اعتقدوا أن الذهاب للعراق هو مشاركة في جريمة الغزو والاحتلال الأمريكي البريطاني وكانت النتيجة العملية هي أننا كعرب، تركنا العراق، لتمرح فيه إيران، وتحوله للأسف إلى ما يشبه محافظة إيرانية، ويسعى كثيرون الآن في العراق والمنطقة إلى مساعدته على التخلص من هذه الهيمنة”.
وأضاف “الآن فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يسعى لتكرار السيناريو الإيراني في ليبيا، وسمعناه يتحدث ويكرر منذ شهور عن «إرث أجداده العثمانيين» في ليبيا، ورأيناه يرسل الجنود والخبراء والمرتزقة، من كل حدب وصوب لتتريك ليبيا ومحو وجهها العربي والسيطرة على مواردها خصوصا النفط والغاز. وللأسف ما كان يمكنه ذلك لولا وجود عملاء ومستفيدين في داخل ليبيا”.
وتابع “سوء إدارة العرب للأزمة الليبية منذ عام 2011، والتأخر في التدخل العربي الفاعل، سمح لتركيا بتثبيت أقدامها وأقدام عملائها وميليشياتها هناك. ولولا إعلان مصر في الصيف الماضي عن «خطها الأحمر في سرت والجفرة»، لربما تمكنت ميليشيات أردوغان من الوصول إلى الحدود المصرية، وابتزاز مصر بالعمليات الإرهابية، كما رأينا بالفعل في السنوات الماضية”.
وواصل “كان يفترض بالعرب، خصوصا الأطراف ذات الصلة ألا يسمحوا بتدمير ليبيا، كما حدث بالفعل بدءا من تأييد أطراف عربية لعدوان الناتو عام 2011، ونهاية بدعم الميليشيات الظلامية حتى هذه اللحظة، كنت أتمنى كما يتمنى كثيرون أن يتم حسم المعركة عسكريا، وتخليص ليبيا من الميليشيات والإرهابيين والمتطرفين، لكن العملية التي بدأت في إبريل 2019، وحاولت تحرير طرابلس، لم يكن مخطط لها جيدا، والنتيجة أنها تعثرت، وتمكنت الميليشيات المدعومة من تركيا، من السيطرة على كل مدن الغرب إضافة إلى طرابلس، بل وتهديد سرت والجفرة”.
واستطرد “خلال الشهور الستة الماضية، اكتشف كثيرون أن تركيا، لن تقبل بأي حل سياسي عادل ومنصف لأنه سيحرمها من كل «الأوهام» التي حلمت بها في تحويل ليبيا إلى رأس جسر لاختراق المغرب العربي، ومحاصرة مصر، انتقاما منها لما فعلته في 30 يونيو 2013”.
واستكمل “ليس من مصلحة مصر القومية أن يستمر الصراع إلى ما لا نهاية، لأنه يتيح للأتراك والقوى الدولية الأخرى تثبيت أقدامهم أكثر، بل ويعطى قبلة الحياة للتنظيمات الميليشياوية، التي يفترض أن تتفكك مع أي تسوية سياسية حقيقية، وانطلاقا من هذا التصور يمكن فهم الخطوة المصرية باتجاه إرسال وفد سياسي وأمنى قبل أيام إلى طرابلس والتباحث مع حكومة الوفاق التي يرأسها فايز السراج، ويلعب فيها وزير داخليته فتحي باشاغا دورا محوريا”.
وأوضح أن مصر تراهن على جر وإقناع غالبية أطراف «الوفاق» بأن مصلحتهم العليا ومصلحة بلدهم في وجود حل عربي، وعلاقات قوية ومستقرة مع مصر وسائر محيطهم العربي، قائلا: “المبادئ المصرية واضحة منذ سنوات، وهي دولة ليبية مدنية موحدة وجيش وطني موحد ومؤسسات موحدة، ولن يتم ذلك إلا بتفكيك الميليشيات، التي بدأت تتصارع بالفعل فيما بينها، بعد أن توقف إطلاق النار فعليا الصيف الماضي، ورسميا في أكتوبر الماضي”.