تقرير أوروبي عسكري: خفر السواحل الليبي يحولون المهاجرين لصفقات

كشفت وكالة “أسوشييتد برس” الأمريكية تفاصيل تقرير عسكري سري للاتحاد الأوروبي حول استمرار برنامج الاتحاد في تدريب وتجهيز خفر السواحل والبحرية الليبيين، رغم المخاوف المتزايدة بشأن معاملتهم للمهاجرين، وتزايد عدد القتلى في البحر.
وقدم التقرير، الذي تم توزيعه على مسؤولي الاتحاد الأوروبي هذا الشهر، نظرة على تصميم أوروبا على دعم ليبيا في اعتراض وعودة عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال إلى ليبيا، حيث يواجهون انتهاكات كبيرة.
وأكدت “”أسوشييتد برس” أن رئيس بعثة مراقبة حظر الأسلحة في الاتحاد الأوروبي ستيفانو تورتشيتو، اعترف، في التقرير “بالاستخدام المفرط للقوة” من قبل السلطات الليبية، مبينا أن مئات الآلاف من المهاجرين الذين يأملون في الوصول إلى أوروبا شقوا طريقهم عبر ليبيا، حيث ازدهرت تجارة تهريب وتهريب مربحة في بلد مقسمة.
وبيّن التقرير أن “الجمود السياسي” والانقسامات في ليبيا أعاق برنامج التدريب الأوروبي، ومعه تُصعب فرض معايير متوافقة مع حقوق الإنسان، خاصة عند التعامل مع المهاجرين، مشيرا إلى “الاستخدام المفرط للقوة الجسدية” من قبل دورية ليبية أثناء اعتراض لقارب خشبي على متنه نحو 20 مهاجراً قبالة الساحل الليبي في 15 سبتمبر الماضي.
وأفاد التقرير بأن خفر السواحل الليبي استخدم تكتيكات عنيفة لم تتم ملاحظتها من قبل ولا تمتثل لتدريب الاتحاد الأوروبي، ولم تقدم تفاصيل أخرى عما حدث بالضبط، مبينا أنه في الأسبوع الماضي، أفاد نشطاء على متن سفينة إنقاذ متطوعين أنهم رأوا سفينة دورية ليبية “تطلق النار على شخص قفز في الماء”.
وقال المتحدث باسم الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، بيتر ستانو، في رده على الوكالة، إن الاتحاد الأوروبي مصمم على تدريب أفراد خفر السواحل وتعزيز قدرة ليبيا على إدارة منطقة بحث وإنقاذ ضخمة في المتوسط.
وأضاف ستانو أن برنامج التدريب التابع للاتحاد الأوروبي لا يزال ثابتًا على الطاولة لزيادة قدرة السلطات الليبية على إنقاذ الأرواح في البحر، وحول مراكز الاعتقال في ليبيا، ذكر أن موقف الاتحاد الأوروبي واضح بأنها “غير مقبولة، يجب إنهاء نظام الاحتجاز التعسفي الحالي”.
وبحسب “أسوشييتد برس”، تم تقديم ما لا يقل عن ثلاثة طلبات إلى المحكمة الجنائية الدولية للمطالبة بالتحقيق مع المسؤولين الليبيين والأوروبيين والمُتاجِرين والمليشيات بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، مشيرة إلى تحقيق للأمم المتحدة نُشر في أكتوبر الماضي حول الانتهاكات المرتكبة في ليبيا والتي قد ترقى إلى مرتبة الجرائم ضد الإنسانية.
ولفت التقرير إلى دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في الأسبوع الماضي، إلى البلدان لإعادة النظر في السياسات التي تدعم عمليات الاعتراض في البحر وعودة اللاجئين والمهاجرين إلى ليبيا.
ونقل تقرير “أسوشيتد برس” عن امرأة كاميرونية وصلت إلى ليبيا في عام 2016 مع طفلها، قولها إنها تم الاتجار بها وأجبرت على ممارسة الدعارة بعد فصلها عن ابنتها، مضيفة أنها صعدت على متن قارب مهرب متجه إلى أوروبا، في عام 2018، لكن السلطات الليبية ألقت القبض على مجموعتها ونُقلت إلى مركز احتجاز تاجوراء سيئ السمعة، وتعرض المعتقلون للضرب والإيذاء، ولم يطلق سراحها إلا بعد أن دفع صديق لها فدية 700 دولار للحراس.
ولفت التقرير إلى تعيين حكومة الوحدة ، الشهر الماضي محمد الخوجة، زعيم مليشيا متورط في انتهاكات ضد المهاجرين، لرئاسة إدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية، التي تشرف على مراكز الاحتجاز، حيث قالت فيوليتا مورينو لاكس، مؤسسة برنامج قانون الهجرة في جامعة كوين ماري بلندن: “نفس الأشخاص المسؤولين عن تفكيك تجارة التهريب هم المهربون أنفسهم”.
ورداً على “أسوشييتد برس”، قالت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل “فرونتكس”، إنها قدمت تقريرًا عن حادث خطير” لكنها لم تستطع الكشف عن التفاصيل.
وبحسب التقرير، تم تخصيص حوالي 455 مليون يورو لليبيا منذ عام 2015 من خلال الصندوق الاستئماني للاتحاد الأوروبي لأفريقيا، والتي تم تخصيص مبالغ كبيرة منها لتمويل الهجرة وإدارة الحدود، مشيرا إلى تحويل مبالغ ضخمة إلى شبكات من رجال المليشيات والمُتاجِرين الذين يستغلون المهاجرين، وفقًا لتحقيق أجرته وكالة أسوشييتد برس عام 2019.
وأكدت الوكالة أن عناصر خفر السواحل متواطئون أيضًا، حيث يحولون المهاجرين الذين يتم اعتراضهم في البحر إلى مراكز احتجاز بموجب صفقات مع المليشيات أو يطالبون بمكافآت للسماح للآخرين بالرحيل.
وأوضح أنه تم استخدام أموال الاتحاد الأوروبي لتدريب الموظفين وتجديد القوارب للسلطات الليبية، كما تلقى خفر السواحل الليبي هواتف وأزياء ساتلية وستحصل على ثلاث زوارق دورية جديدة في العامين المقبلين.
وتعتمد السلطات الليبية، بحسب التقرير، على المراقبة التي تجمعها وتتقاسمها الطائرات بدون طيار والطائرات والرادار الأوروبية، وغالبًا ما تؤثر الفوضى السياسية في البلاد على عمليات البحث والإنقاذ، مؤكدا تزايد عمليات الهجرة غير الشرعية من شمال إفريقيا إلى إيطاليا ومالطا في عام 2021 بعد انخفاضها في عام 2020 بسبب جائحة فيروس كورونا إلى حد كبير.
وبين أن المعابر في وسط البحر المتوسط شكلت ثلث جميع المعابر الحدودية غير القانونية المبلغ عنها إلى أوروبا، وفقًا لفرونتكس، ففي العام الماضي، التقط خفر السواحل الليبي أكثر من 32 ألف مهاجر وأعادهم إلى ليبيا، وهو ما يقرب من ثلاثة أضعاف العدد لعام 2020.
واختتم التقرير بأنه رغم كل المعدات والتدريب المقدمة إلى ليبيا لإنقاذ الأرواح، توفي أو فُقد أكثر من 1500 شخص العام الماضي، وهو أعلى عدد من القتلى منذ عام 2017.