مظاهرات طرابلس في عيون «قناة الجزيرة».. مجرد عشرات الأشخاص المحتجين وتجاهل لعمليات إطلاق النار والاعتقال
على مدار الأيام القليلة الماضية، شهدت العاصمة طرابلس وعدة مدن واقعة تحت سطوة «حكومة الوفاق»، غير الشرعية، مظاهرات حاشدة ضد الفساد والظلم وتردي الأوضاع المعيشية، وهو ما جابهته المليشيات بالرصاص الحي، فضلا عن استخدام أبواق الإخوان لتبريرات واهية لمحاولة تضليل الرأي العام.على رأس تلك الوسائل كانت قناة الجزيرة، التي لا تتوان عن محاولة إسقاط دول المنطقة واحدة تلو الأخرى في مستنقع الفوضى، فرصدها للمظاهرات كان ماكرا ومهونا مما يحدث، بغرض إظهار «حكومة السراج» بمظهر المنقذ وهي التي بالأساس تسببت في إضعاف ليبيا وتسليمها للمحتل التركي.مهما حاولنا استدعاء مصطلحات لوصف التغطية الإعلامية لقناة الجزيرة القطرية في رصد التظاهرات الحاشدة التي انطلقت في عدة مدن ليبية على رأسها العاصمة طرابلس ضد حكومة السراج وفسادها وتدهور الأحوال المعيشية، لن نجد مصطلحا جامعا شاملا لتسمية اللامهنية غير المحدودة التي اتبعتها تلك القناة التي تتبنى وجهة نظر جماعة الإخوان الإرهابية على طول الخط.«تواطؤ»، «لا مهنية»، «لي للحقائق»، «اجتزاء للواقع»، كلها تسميات تصلح مجتمعة لوصف ما قامت به قناة الجزيرة القطرية، وأيضا تلك المصطلحات وأكثر لم تقدم التسمية المُثلى لأداء تلك القناة، والتي ليست بمستغرب عليها أن تقف دائما في سبيل زعزعة الاستقرار في المنطقة وتقديم رؤى القائمين عليها بشكل مطلق، حتى وإن كانت مغايرة لما يحدث على أرض الواقع.حيث كانت العناوين الرئيسية المستخدمة في التغطية على غرار “مظاهرات تطالب بالخدمات الأساسية في طرابلس. وتباين مواقف المغردين الليبيين على المنصات”، “عشرات الليبيين يتظاهرون وسط طرابلس للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الفساد في القطاع العام وتوفير الخدمات الأساسية ورفع الحصار عن تصدير النفط من الهلال النفطي”.الأمر الأكثر استغربا، أن تلك القناة المغرضة، بدأت في تغطية المظاهرات الحاشدة، من بعد خروج فائز السراج لإلقاء كلمته أي بعد بدء التظاهرات بيومين، بل والأكثر استفزازا وصفها المظاهرات الحاشدة وتصويرها على أنها للعشرات، تقليلا من تأثيرها على خلاف الحقيقة، حيث شهدت الشوارع مشاركة بالآلاف.ذهبت قناة الجزيرة لأبعد من ذلك، إمعانا في قلبها للحقائق ورصد ما تراه يخدم مصالحها ولا يضر بتوجهاتها، حيث تجاهلت تماما من قريب أو من بعيد الإشارة لقيام مسلحي باشاغا بإطلاق النار على المتظاهرين باستخدام الرصاص الحي لتفريقها وتكميم أفواههم، ما تسبب في وقوع حالات إصابة بمختلف الدرجات بين المواطنين.عمدت القناة لاتخاذ خط إعلامي متوازي مع كلمة السراج، بغرض التسويق له، فضلا عن التسويق لفتحي باشاغا، وزير داخلية الوفاق، ولما لا وهما يخدمون توجه واحد يصب في مصلحة تعزيز أركان الغزو التركي، وتثبيت أقدام الإخوان في ليبيا مهما كانت الخسائر التي يتحمل تباعتها المواطن الليبي، ولكنهم رفعوا شعار «كل شيء مباح في سبيل هدف التمكين».تجاهلت «الجزيرة» عن عمد وسوء نية، ذكر كافة الشعارات التي رفعها آلاف المتظاهرون خلال التظاهرات الحاشدة ضد «السراج» وحاشيته، حيث لم تلتفت إلى الشعارات التي طالبت «السراج» بالرحيل أو تلك التي تعالت مطالبة بإسقاط النظام ورحيله عن سد الحكم، والتي لم تأتي على البلاد سوى بالخراب والدمار والتفكك وترسيخ مبدأ الجهوية.لم يتوقف هذا البوق المغرض عند لي الحقائق المرتبطة بالمظاهرات الحاشدة بطرابلس فحسب، وإنما تعدى ذلك، إلى درجة تصوير أن الاحتجاجات ليست ضد «السراج» وزمرته الفاسدة فقط، بل إنها في جميع أنحاء ليبيا على حد سواء ولا ترتبط بالمنطقة الغربية والمدن الواقعة تحت سطوة الاحتلال التركي وسيطرة المليشيات بمساعدة «حكومة الوفاق» التي لا تدخر جهدا في سبيل تمكين هؤلاء من السطو على مقدرات الشعب الليبي، مهما كانت الخسائر.حاولت تلك القناة اللاإعلامية، الترويج لوجود مظاهرات في المنطقة الشرقية، حيث استخدمت عناوين على غرار، “عشرات المحتجين في مدينة سرت الليبية ضد ممارسات قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر التي تسيطر على المدينة”، في إشارة إلى المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش العربي الليبي، وذلك كنوع من إيهام الرأي العام العالمي أن المظاهرات لا تقتصر على المنطقة الشرقية.كما لجئت للضرب في المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، الجسم السياسي المنتخب الوحيد في ليبيا، والذي يعد الممثل الشرعي الوحيد للشعب الليبي، حيث تناولت عنوانا يتحدث عن وجود “احتجاجات ببلدة القبة شرق ليبيا مسقط رأس عقيلة صالح تنديدا بتردي الأوضاع الحياتية وللمطالبة بمحاكمة المسؤولين”، وهو ما لم يحدث فعليا.العنوانان الأخيران، يؤكدان بما لا يدع مجالا للشك، أن تلك القناة تحاول تصدير مشهد أن الأوضاع في كافة أرجاء ليبيا؛ سواء، متجاهلين الأمن والأمان المتسيدان في المناطق المحررة من الجماعات المسلحة، والتدهور والتردي غير المسبوقين المسيطرين على كل المدن التي تسيطر عليها مليشيات «الوفاق» بمساعدة الغزاة الأتراك، ولا حالات السلب والنهب والاغتصاب التي يقوم بها المرتزقة السوريون داخل المدن التي تم الاستيلاء عليها، ولا حتى عمليات القتل والتصفية على الهوية لكل من يثبت تأييده للجيش العربي الليبي.