مؤسسة فرنسية تكشف عملية تمويه تركية لنقل شحنة أسلحة إلى “الوفاق”
أكدت دراسة تحليلية فرنسية خرق تركيا قرار حظر التسليح المفروض على ليبيا، بنقل أسلحة إلى طرابلس في فبراير الماضي، بعد إخفائها معالم السفينة الناقلة وتغيير رايتها واستبدال طاقمها في محاولة لتويه ذلك.وانطلق التحليل المفصل لمؤسسة “أوبن فاكتو” الفرنسية البحثية غير الربحية، الذي اطلعت عليه وترجمته “الساعة 24”، من رصد أخبار في 18 فبراير 2020، عن استهداف الجيش الوطني الليبي شحنة أسلحة من تركيا على متن سفينة راسية في طرابلس.وبوضع عدة فرضيات بعضها ينحاز لصحة المعلومة وأخرى تنفيها، سار التحليل باحثا عن دليل، ليتوصل في النهاية إلى عدد من النتائج المثيرة، أبرزها ما يتعلق بمسار السفينة ناقلة الأسلحة التركية، وكيفية تمويه أنقرة لشحنة الأسلحة، وأسباب اختفائها من ميناء طرابلس.تغيير المكانحدد تحليل “أوبن فاكتو” الموقع الجغرافي للصور المتعلقة بالتفجيرات المتداولة عبر الإنترنت لميناء طرابلس بواسطة موقع “جوجل إرث”، بفضل الأماكن البارزة مثل المستودعات الزرقاء، ومنحنيات الطريق السريع، والمساجد والواجهة البحرية، ومبنى الميناء.وأظهرت صورة أقمار صناعية لميناء طرابلس نشرتها شركة “أي إس أي” الخاصة لصور الأقمار الصناعية، السفن المتضررة والدخان في الميناء، مؤكدة الهجوم والتاريخ والموقع.وللوصول إلى ماهية السفينة صاحبة الواقعة، بحث التحليل عن السفن التي رست بالميناء في هذا الوقت من خلال موقع “مارين ترافيك”، وتبين أن السفينة المستهدفة تدعى “آنا”، ورقم تسجيلها في المنظمة البحرية الدولية IMO: 7369118، لكن تظهر الصور أنه أعيد طلاؤها قبل الهجوم بوقت قريب.وبفحص رحلة السفينة إلى ليبيا، اتضح للمؤسسة الفرنسية أنها كانت ستقضي 20 يومًا حتى 6 مارس في ميناء طرابلس، إلا أن الأمر المثير للانتباه اختفائها من الميناء في مقاطع الفيديو الرسمية لزيارة فائز السراج بعد قصف الجيش الليبي.كما تظهر صورة متاحة على محرك معالجة بيانات الأقمار الصناعية، موقع “سينتنيل هب”، بتاريخ 22 فبراير 2020، عدم وجود السفينة التجارية “آنا”، في ميناء طرابلس.واطلع “التحليل” على بيانات “نظام تحديد موقع السفن الآلي”، فاتضح أن السفينة “آنا” أطفأت جهاز الإرسال والاستقبال في 18 فبراير في ميناء طرابلس، وأعيد تشغيله مرة أخرى في 8 مارس، عند اقترابها من الجزر اليونانية.. فأين إذا كانت خلال هذه الفترة؟وبمزيد من عمليات البحث، يقع تحليل المؤسسة الفرنسية التي تضم عناصر استخباراتية سابقة ضمن العاملين بها، على صورة قمر صناعي عالية الجودة للسفينة “آنا” خلال تفريغها في ميناء مصراتة في 21 فبراير.ويقول تحيل المؤسسة البحثية الفرنسية: “يمكننا التمييز بين اللون الأبيض والأزرق لهيكل السفينة، والبرج الأحمر والأزرق المميز، وجرى تفريغ المركبات من السفينة، وكانت الشاحنات ذات المقطورات تنتظر في الجوار، ويقودنا ذلك إلى الاعتقاد بأن التسليم كان في البداية موجهًا إلى طرابلس، غير أنه تم بدلاً من ذلك في ميناء مصراتة”.ويستدل التحليل على انتهاك تركيا حظر التسليح، بما نشرته حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك تلك الخاصة بمليشيا “لواء الصمود”، في 21 فبراير، ومنها صور لشاحنات مقطورات تنقل معدات مدفعية، مرفقة بعبارة “وصلت شحنة جديدة”.تصريحات رسميةوما استدل به تحليل المؤسسة الفرنسية أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكد لوسائل الإعلام في الأيام التي أعقبت الهجوم على ميناء طرابلس، مقتل ضابطين عسكريين تركيين، وبعد ذلك بأيام، كشف نائب تركي في حزب معارض عن اسميهما، وورد في تقرير على راديو فرنسا الدولي، أن هذين الضابطين مكلفان بالإشراف على تسليم الأسلحة في ميناء طرابلس.تمويهاستعان تحليل “أوبن فاكتو” بموقع “مارين ترافيك” للتوصل إلى أصل السفينة “آنا”، ليتضح أنها غادرت ألبانيا في 1 فبراير 2020، متجهة إلى مرسين في تركيا، وتوقفت لمدة أربعة أيام في الميناء من 5 إلى 9 فبراير، قبل أن تغادر مرة أخرى إلى طرابلس، وتصل في 15 فبراير.وعاد “التحليل” إلى الصور السابقة للسفينة في طرابلس، ليظهر أنه تم إعادة طلائها، حيث تمت إزالة حروف “شيغا لاين”، وإعادة طلائها باللون الأزرق، وطلاء العلم الألباني باللون الأحمر بالكامل، لإخفاء أصل السفينة.وعند استشارة موقع “إيكواسيس” للسلامة والجودة البحرية، قال إن السفينة “آنا” لا تزال مسجلة كملك للشركة الألبانية “شيغا ترانس إس إتش اي”، والتي تأسست عام 2018، وتتخصص في النقل اللوجستي عن طريق البر والجو والبحر، وتملك السفنتين “آنا”، و”أوتّو”.وتستخدم شركة “شيغا”، الذي يديرها رجل ألباني، صورة السفينة “آنا”، على صفحتها على موقع “لينكيد إن”، فيما تنص خدمة الشحن البحري الخاصة بها على أنها تقدم خدمات الشحن فقط بين مدينة رافينا الإيطالية ومدينة دوريس الألبانية على ساحل البحر الأدرياتيكي، وبين مدينة رافينا ومدينة شينغجين في شمال غرب ألبانيا.تزويرهنا يضع “التحليل” الفرنسي، يده على إعلان لوكالة توظيف جورجية، متخصصة في توفير أطقم العمل في المجالات البحرية، نشرته في 3 فبراير 2020، على موقع فيسبوك، يطلب تجنيد طاقم إضافي من الجنسية الأذرية والجورجية للسفينة “آنا”، ويذكر الإعلان أن صاحب المركب تركي.وكشفت وسائل إعلام ألبانية، أن طاقم “شيغا ترانس” غادر السفينة في ميناء مرسين، وحل محله طاقم تركي في ذلك الوقت، وعند عودتها من ليبيا كانت تحت اسم “براي”.