نكشف بالصور والتفاصيل حقيقة السفينة التجارية “بانا” المسئولة عن توصيل السلاح من تركيا لـ”الوفاق” في طرابلس
كشفت دراسة أعدتها منظمة “أوبن فاكتو” المعنية بالدراسات الاستقصائية، عن قصة السفينة التجارية “بانا” والتي ملئت صورها مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشرت فيديوهات لها على “تويتر” في شهر يناير 2020 وعلى متنها معدات عسكرية تركية متجهة إلى ليبيا، يُزعم أنه تم تسليمها في 28 يناير 2020.وأوضحت الدراسة التي اطلعت عليها صحيفة “الساعة 24” وترجمتها، أنه في الخامس من فبراير 2020، احتجزت السلطات الإيطالية في مدينة جنوة السفينة التجارية “بانا” وفتشتها، أثناء وصولها إلى هناك، بعد عودتها من ليبيا في 2 فبراير، حيث تم الإبلاغ عنها في يناير 2020.واستخلصت الدراسة مجموعة من الأدلة باستخدام المصادر المتوفرة لها التي أكدت انتهاك تركيا للحظر بشحنة أسلحة جديدة إلى ليبيا، وإمكانية وصول العتاد للفصائل الموالية لحكومة الوفاق، ووجود سفينة من تركيا في ميناء طرابلس، واستخدام ناقلة ذات جنسية لبنانية في عدة مناسبات، وأن هناك صلة محتملة بين المالك الحالي للسفينة وكيان لبناني خاضع لعقوبات لمدة عامين من 2015 إلى 2017 من قبل الخزانة الأمريكية لدعمها اللوجستي لتجار مخدرات مرتبطين بحزب الله اللبناني.وذكرت الدراسة أن السفينة “بانا” تجارية لبنانية، ترافقها فرقاطات عسكرية تركية وذلك لتسليم معدات عسكرية تركية إلى ليبيا، وأنه يمكن تتبع السفينة التجارية “بانا”، عن طريق نظام “جي بي إس” الخاص بها، وهي في طريقها إلى ليبيا، من خلال صور الأقمار الصناعية.وأوضحت الدراسة أنه استنادًا إلى بيانات موقع “مارين ترافيك” الخاص بحركة السفن ومواقعها في الموانئ، فإن السفينة التجارية “بانا”، تبحر بانتظام إلى ليبيا، لكن في 28 يناير2020، لم تذكر أي بيانات وصولها إلى طرابلس.وأشارت الدراسة أنه يوجد خياران يمكن أن يفسرا هذه البيانات، إما أن السفينة “بانا”، لم تذهب إلى طرابلس مطلقًا في هذه التواريخ، أو أن طاقم السفينة “بانا”، أطفأ جهاز الإرسال والاستقبال “نظام التحديد الآلي”، وهو نوع من جهاز الإرسال والاستقبال الذي يعطي موقع “جي بي إس” للسفينة بشكل منتظم.ولفتت الدراسة إلى أنه في هذه الحالة، يمكن أن يكون موقع “توتير”، قاعدة انطلاق قوية لمقارنة، وتجميع الأعمال التي قام بها الآخرون، حيث تم بالفعل رصد هذه السفينة المثيرة للاهتمام من قبل بعض مراقبي السفن.ونظرًا لأنه يمكننا تتبع رحلة السفينة باستخدام بيانات “نظام التحديد الآلي”، التي تم إصدارها من حين لآخر، فمن الممكن جعلها تتطابق مع بعض صور الأقمار الصناعية، التي تُظهر فرقاطات عسكرية تركية ترافق السفينة.وبينت الدراسة أن في مؤتمر برلين، ذكر الرئيس الفرنسي ماكرون فرقاطات تركية ترافق السفن، ومن المثير للاهتمام ملاحظة أن السفينة “بانا” أطفأت جهاز الإرسال والاستقبال “نظام التحديد الآلي”، الخاص بها أثناء وصولها إلى الشواطئ التركية بفاصل يوم بين 22 و 24 يناير 2020.ويبدو أن السفينة وصلت إلى ميناء مرسين التركي قبل التوجه إلى ليبيا، وتم تحديد الموقع الجغرافي للصورة التي تم العثور عليها على وسائل التواصل الاجتماعي في 23 يناير في ميناء مرسين، مما يؤكد الاتجاه الذي سلكته السفينة في 22 يناير.وظهرت صور مماثلة على الشبكات الاجتماعية في 28/29 يناير تقريبًا، تظهر فرقاطات عسكرية تم تحديدها على أنها طراز G-class، في حين أنه من غير الممكن تحديد تاريخ الصور، يبدو أنها تؤكد عمل حساب على موقع توتير مهتم بالتحقيقات المستقلة @PutinIsAVirus، والذي يطابق صور الأقمار الصناعية مع بيانات “نظام تحديد موقع السفينة الآلي”.واوضحت الدراسة أنه في 28 يناير2020، رست سفينة، بنفس نظام الألوان والحجم الكبير في ميناء طرابلس، وفقًا لصور الأقمار الصناعية من موقع “سينتينل هب إكسبلورر”، المتخصص في معالجة بيانات الأقمار الصناعية مؤكدة أنه يمكن أن تكون تلك هي السفينة التجارية “بانا”.وأكدت الدراسة ان السفينة سلمتمعدات ثقيلة في طرابلس، موضحة أن هناك صورا وفيديو منتشرة لدبابات ومدرعات ومدفعية ثقيلة، ويمكننا التعرف على بعض المعدات، بشكل رئيسي من الشركات المصنعة التركية، حيث يبدو أن معدات المدفعية هذه التي تم تركيبها على عجلات، هي لمدفع من طراز Oerlikon التوأم عيار 35 ملم، والذي تم تصنيعه بموجب ترخيص من شركة MKEK التركية. وهومدفع مضاد للطائرات يتم جره.وعرضت الدراسة لقطة “سكرين شوت”، توضح في المقدمة نظام الدفاع الجوي “كوركوت” من شركة ” أسيليان” ودبابات، و T-155 Firtina، وهوهاوتزر عيار 155 ملم ذاتي الدفع عيار 52 تم تصنيعه في تركيا بواسطة إئتلاف شركات صناعات دفاعية تركية على متن السفينة.وأوضحت الدراسة أن آخر المعدات التي يمكننا تحديدها هي ACV-15، وهي مركبة مدرعة قتالية خفيفة ومجنزرة، تم تطويرها وتصميمها وتصنيعها، من قبل الشركة التركية “سافونما سيستيمليري أف إن إس إس “.وأكدت الدراسة أن الفيديو لم يتم نشره قبل نهاية إصداره في يناير، ومع ذلك، لا يمكن في هذه المرحلة تأكيد أن هذه الشحنة كانت في السفينة “بانا”، على الرغم من أن التاريخ والإشارة في وسائل الإعلام الإيطالية يبدو أنها مؤشرات ذات صلة.وذكرت الدراسة أن شهادة أحد أفراد الطاقم الذين استجوبتهم الشرطة الإيطالية في جنوة أكدت أن بعض المعدات الموجودة على السفينة، بالإضافة إلى سيارات جيب مرسيدس، مستخدمة مع مدافع مضادة للدبابات مثبتة عليها.وذكرت الدراسة أن السفينة “بانا” معروفة لدى الأتراك والليبيين، حيث لم تكن هذه الرحلة إلى ليبيا في أواخر يناير 2020 هي أول رحلة للسفينة التجارية “بانا”، ورقم تسجيلها في المنظمة البحرية الدولية IMO 7920857.وذكرت الدراسة أن إلقاء نظرة فاحصة على بيانات نظام تحديد موقع السفينة الآلي، الخاصة بالسفينة “بانا” خلال الأشهر الماضية، يكشف أن السفينة قد أوقفت جهاز الإرسال والاستقبال في نوفمبر 2019 على الساحل الليبي لأكثر من 36 ساعة من 15 إلى 19 نوفمبر.وبالنظر إلى رحلتها، يتضح أنها بدأت في ميناء اسطنبول، الذي غادرته السفينة “بانا” في 11 نوفمبر، وفي الرابع عشر من نوفمبر، دخلت السفينة مياه البحر الأبيض المتوسط، وفي الخامس عشر من نوفمبر عند الساعة 23:00، أطفأت السفينة “بانا” جهاز الإرسال والاستقبال الخاص بها، على بعد حوالي 286.3 ميلًا بحريًا من مصراته، بسرعة حوالي تسع عقد.وأعادت السفينة تشغيل جهاز الإرسال والاستقبال في التاسع عشر من نوفمبر، بعد الظهر، على بعد 55 ميلا بحريا من السواحل الليبية، بافتراض أن الوجهة كانت ميناء مصراته، فإن السفينة كانت ستصل في السابع عشر من نوفمبر، حوالي الساعة الرابعة صباحًا، وستغادر في التاسع عشر من نوفمبر، في حوالي الساعة 11 صباحًا.وأكدت الدراسة أنه لا يوجد أثر للسفينة “بانا” في ميناء مصراته خلال هذه التواريخ، وأن السفينة الوحيدة القادمة من تركيا إلى مصراتة هي السفينة التجارية “كوسوفاك”، موضحة أنه بالمصادفة، أصدر المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي بيانًا في 18 نوفمبر 2019، بعد غارات استهدفت مصراته، بسبب تسليم 18 عربة مصفحة على متن سفينة.يذكر البيان أن السفينة التجارية “كوسوفاك”، هي السفينة التركية التي تنقل المركبات، على الرغم من عدم وجود صور لإثبات ذلك، ويبدو أن التواجد المحتمل للسفينة “بانا” في نفس الوقت في ميناء مصراته، بعد إطفاء أجهزة الإرسال والاستقبال، أمر مريب للغاية، وبالإضافة إلى ذلك، غادرت السفينة التجارية “كوسوفاك، مصراته في التاسع عشر من نوفمبر 2019، متوجهة إلى ميناء الخمس، قبل أن تعود إلى تركيا، الأمر الذي يبدو فيه جرأة، لسفينة يشتبه في نقلها معدات عسكرية بشكل غير قانوني.ومن جانب أخر أكدت الدراسة أن عمليات التسليم للسلحة تتم باسم السفينة القديم – “شام 1″، موضحة أن ذلك تبين عند النظر في مطابقة بيانات المنظمة البحرية الدولية للسفينة بالأسماء القديمة، فندرك أن الاسم القديم “شام 1” معروف بالفعل في ليبيا بتسليمه معدات عسكرية.وبحسب تقرير صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فقد تم تحديد السفينة كناقلة لمعدات عسكرية في شهري يناير وأبريل 2017، ومن المثير للاهتمام أن نلاحظ أن السفينة استُخدمت لتسليم مركبات عسكرية في يناير 2017 في طبرق إلى قوات المشير حفتر، والتي لاتدعمها تركيا.وبينت الدراسة أن السفينة “بانا” مرتبطة بمجموعة “أبو مرعي”، وهي كيان سبق أن خضع للعقوبات لدعمه اللوجستي لبعض عمليات حزب الله اللبناني، وذلك وفقًا لموقع “مارين ترافيك” الذي أكد انتماء السفينة “بانا” إلى شركة تسمى “ميد ويف للشحن ش.م”.ووفقًا لموقع world-ships الذي يعطي عناوين شركات الشحن، نجد مرة أخرى الشركة المستهدفة موجودة في الأردن، لكننا غير قادرين على تحديد من يتحكم بها، أو ما إذا كانت الشركة لا تزال نشطة، مع وجود العلم اللبناني كإشارة، فإن نظرة ثانية على قاعدة بيانات موقع “إيكواسيس” تعطينا عنوانًا جديدًا في لبنان.شركة “ميد ويف للشحن ش.م” مسجلة في قاعدة بيانات مدفوعة الأجر مخصصة للشركات اللبنانية (2 دولار لكل تقرير)، ويتمثل النشاط الرئيسي لشركة “ميد ويف للشحن ش.م” في الاستحواذ على السفن مع ذكر خاص للسفينة “شام 1″، الاسم القديم للسفينة “بانا”، ولا توجد معلومات متاحة عن مديري الشركة، أو في مكتب المحاماة المحلي الذي نظم المعاملة، ومن المحتمل أن يكون هذا الكيان جزءًا من شبكة شركات أكبر، لا يمكن تحديد المستفيد النهائي في هذه المرحلة باستخدام المعلومات المتوفرة.وأوضحت الدراسة أنه إذا نظرنا عن كثب إلى العنوان المعروض في موقع إيكواسيس (الطابق الأرضي، مبنى أورينت كوين هومز، شارع جون كينيدي، منطقة راس بيروت، بيروت، لبنان)، فهو نفس العنوان الموجود في فصل السفينة التجارية “سينغل إيغل” وشركة “أفريكان ميديتيرانيان لاينز” التي تقوم بتشغيلها، والتي حددنا أنها مرتبطة بمجموعة “أبو مرعي” القابضة.مؤكدة أنه من خلال النظر إلى تاريخ ملكية السفينة “بانا”، يمكننا أن نرى أن “شركة أبو مرعي لإدارة السفن ش.م.ل” و شركة “اي إم إل لإدارة السفن المحدودة” كانتا المدير التجاري السابق، ومدير معايير السلامة السابق، ومقرهما في لبنان وألمانيا على التوالي، وتقوم شركة “اي إم إل لإدارة السفن المحدودة” أيضًا بإدارة السفينة التجارية “سينغل إيغل”.وذكرت الدراسة أنه بنظرة سريعة على محركات البحث، ظهر أن الشركتين تنتمي إلى مجموعة “أبو مرعي”، حيث يتولى مرعي علي أبو مرعي، وهو رجل أعمال لبناني، إدارة استثمارات في الشحن البحري، والسياحة والعقارات، وفي أكتوبر 2015، تم إدراج مرعي علي أبو مرعي، وبعض المتعاونين معه، وشركاته في قائمة عقوبات مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في الخزانة الأمريكية، لصلاتهم بشبكة “جمعة” المرتبطة بحزب الله اللبناني، لدورها في تهريب المخدرات وغسيل الأموال.كما تم فرض عقوبات على “أورينت كوين هومز”، وأبو مرعي هامبورغ، وملاك السفينة “بانا” القدامى – كيانات النقل البحري – وكذلك السفينة تحت المسمى القديم “مدينة مصراتة”. تم نقل السفينة إلى كيان شركة “ميد ويف للشحن ش.م” في ديسمبر 2015.وأصبحت السفينة “شام 1” في فبراير 2016، حيث أكدت الدراسة أنهم قاموا بتغيير اسم السفينة، ونقلوا سند الملكية الخاص بها في كيان قانوني جديد، للتحايل على العقوبات التجارية، مشيرة إلى أنه هذه فرضية واحدة، ولكن هذه المقدمة من موقع “إيكواسيس”، لا تكفي لإثباتها، ولا يمكن المضي قدمًا في استخدام المصادر المتوفرة في هذه المرحلة.وأكدت الدراسة أنه في مقابلة مع محطة “إل بي سي” اللبنانية، في 31 يناير2020، اعترف الرئيس التنفيذي، أبو مرعي، بأنه مالك السفينة التجارية “بانا”، وفي الدقيقة 1:35 من المقابلة، سأل الصحفي في المحطة اللبنانية الرئيس التنفيذي لمجموعة “أبو مرعي”، عن سبب تغيير اسم السفينة من “شام1” إلى “بانا”، فأجاب أبومرعي: “اسم السفينة كان مصراته، أنا بعتها لمجموعة سورية، قاموا بشرائها وأطلقوا عليها اسم “شام 1″، وعندما واجهت مشاكل مع الأمريكيين، قمت في ذلك الوقت ببيع السفينة، كما بعت عدة سفن أخرى، عندما اتهمني الأمريكيون عن طريق مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في الخزانة الأمريكية، وتحصلت على البراءة فيما بعد، كما تعلمون جميعًا، عدت وأشتريت السفينة، وبعد ذلك أطلقت عليها اسم “بانا”.وذكرت الدراسة أنه تم شطب مجموعة “أبو مرعي” والشركات التابعة لها، والأفراد المدرجين في القائمة من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في عام 2017، ويبدو أن مشاركتهم المحتملة في نقل الأسلحة بواسطة السفينتين “سينغل إيغل” و “بانا”، تستدعي مزيدًا من التحقيقات والأسئلة حول أنشطة مجموعة “أبو مرعي”، وشطبهم من قوائم العقوبات.