بسبب أزمه الحدود مع تونس.. مصر تنال الأسبقية في عقود إعادة الإعمار بليبيا

أصبحت مصر تمتلك مكانة كبيرة داخل ليبيا، وتظهر في الأفق بشكل كبير في ظل الزيارات الأخيره لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة لمصر ورئيس المجلس الرئاسي ولقاءات بين المسؤولين في البلدين، تنم عن دخول مصر شريك أساسي في ليبيا في عمليات إعادة الإعمار في الوقت الذي يبدوا فيه تخلي الأخيرة عن شقيقتها تونس في فرص إعادة الإعمار لصالح مصر، خاصة في ظل التوترات السياسية التي شابت العلاقة بين البلدين منذ فترة كأن آخرها أزمه الحدود .
وقال المحلل السياسي، جلال الأخضر، إن غياب تونس عن قائمة المساهمين الأوائل في إعادة الإعمار في ليبيا هو نتيجة مباشرة للأزمة السياسية التي أشعلها إغلاق السلطات الليبية حدودها مع تونس من جهة واحدة ودون استشارة الجانب التونسي.
وأوضح أن هذه الأزمة أفرزت اهتزاز الثقة بين رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد ورئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة، قائلا:”رغم تبادل الزيارات وفتح الحدود ورغم التأكيدات أمام عدسات الكاميرات على صفو الأجواء فإن العلاقة بين الدولتين لم تعد إلى عهدها السابق”.
وبيّن أن مصر كانت أول من استثمر في هذه الأزمة ونالت الأسبقية في عقود إعادة الاعمار التي تتضمن مشاريع ضخمة، بينما تأخرت تونس وأضاعت العديد من الفرص.
على الجانب الآخر، يرى الباحث السياسي والخبير في شؤون منطقة شمال أفريقيا، باسل الترجمان، أن الاتفاقات المصرية لا تنقص من ميزان الترابط بين تونس وليبيا اللذان تربطهما علاقة تعاون تاريخية لا يمكن أن تعوضها أي قوة بغض النظر عن امكانياتها وقدرتها الاقتصادية، وفقا لقوله.
وقال الترجمان لـ “سبوتنيك”، إن “تونس لا تمتلك امكانيات ضخمة أو قدرات عمل في المشاريع العملاقة حتى يتم استثمارها في ليبيا، مضيفا أن الشركات التونسية هي شركات ذات مساهمة صغيرة”، مستدلا على ذلك بعدم وجود مشاريع عملاقة في تونس.
واستطرد:”لكن ما تؤمنّه تونس لليبيا من سلع وخدمات لا يمكن لأي طرف اقتصادي مهما علت امكانياته أن يعوضه، والدليل أن السلع الليبية ليست موجودة في السوق التونسية بينما تكتسح السلع التونسية أسواق جارتها الجنوبية، ناهيك عن خدمات العلاج التي يستفيد منها عدد هام من الليبيين”.
وأرجع الترجمان، غياب التعاملات الاقتصادية عن التصريحات الرسمية بين البلدين إلى “الموقف السلبي الذي اتخذته حكومة عبد الحميد الدبيبة من تونس جراء التخبط في مستوى القرار السياسي الليبي”.
وانتقد المتحدث “ارتماء الدبيبة مرة في أحضان أردوغان وأخرى في أحضان السيسي”، قائلا إن “هذا التخبط انعكس على علاقته بتونس”.
ويرى الترجمان أن الدبيبة هو “المتسبب الرئيسي في افتعال الأزمة مع تونس من خلال اتخاذ قرار غلق الحدود ونشر تصريحات اعتبرتها تونس عدائية”، مشيرا إلى أن ليبيا ستكون الخاسر الأكبر من حالة العداء مع تونس.
ويتوقع الترجمان أن تعود التعاملات بين تونس وليبيا إلى سالف عهدها، مشيرا إلى أن “الانقسامات الأخيرة التي تشهدها ليبيا لن يكون لها أثر على تونس التي نأت بنفسها عن الأزمة الليبية وأضحت الطرف الوحيد الذي لم يتورط في الصراع الليبي الليبي”.
بدوره، قال المحلل السياسي الليبي غازي معلا لـ “سبوتنيك” رصدته الساعه 24 إن الاتفاقات التي وقعتها مصر مع ليبيا هي اتفاقات مبدئية وليست عقودا مبرمة وهو ما يجعلها قابلة للتغيير وحتى الالغاء.
وعلل أن التطورات الأخيرة في ليبيا وسحب الثقة من حكومة عبد الحميد الدبيبة من قبل مجلس النواب الليبي قد يغير المعطيات على أرض الواضع، متوقعا بطلان هذه الاتفاقات خاصة بعد الانتقادات التي طالت حكومة الوحدة الوطنية واعتبارها حكومة انتقالية غير قادرة على اتخاذ القرارات وعقد الاتفاقات مع الدول.
ولفت إلى أن الاتفاقات السابقة التي وقعتها العديد من الدول ومن بينهما تونس مع ليبيا قبل سنة 2011 سيكون لها الأولوية في تنفيذ خطة إعادة الاعمار قبل أي اتفاقات لاحقة. معتبرا أن المقارنة بين تونس ومصر هي جدل عقيم يندرج ضمن التسويق السياسي.
وقال معلا، إن ضعف التنسيق في الجانب الاقتصادي بين تونس وليبيا يعود بالأساس إلى الوضع الاستثنائي الذي تشهده تونس وغياب حكومة، مضيفا “منذ 25 يوليو انكبت الجميع على الحديث على الجانب الدستوري والانتقال السياسي الجديد، وتم تغييب الملف الاقتصادي رغم خطورة المرحلة التي تمر بها تونس”.