مماطلة «عقيله» لعقد جلسة النواب.. ابتزاز للحكومة الجديدة أم خوف من الإطاحة به
اعتبر العديد من المراقبين للمشهد الليبي، أن تأخر عقد جلسات مجلس النواب لإعطاء الثقة للحكومة الجديدة، هو نوع من “المماطلة” التي يقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، لتحقيق أهدافه الخاصة التي من بينها ضمان استمرار وجوده على رأس النواب خوفًا من الإطاحة به إذا اكتمل النصاب الدستوري للمجلس، وأيضًا ما وصفه البعض بمحاولة “ابتزاز” الحكومة الجديدة، وبين هذا وذاك اختلفت وجهات النظر، وطرح المراقبون تساؤلًا حول أحقية الجنوب في الحصول على رئاسة المجلس بعد أن أصبح منصب الرئاسي الآن في قبضة الشرق؟.
أحقية الجنوب في رئاسة النواب
عبر عدد من أعضاء مجلس النواب عن رفضهم لسياسة عقيلة صالح، في إدارة المجلس خلال الفترات الماضية، حيث وصفه البعض بأنه تفرد في اتخاذ القرارات حتى أصبح المجلس بمثابة حقيبة خاصه له، كما تعالت الأصوات للمطالبة بضرورة تغيير رئاسة المجلس لتذهب إلى شخص جديد من الجنوب.
عضو مجلس النواب علي السعيدي، قال مخاطبًا عقلية صالح رئيس مجلس النواب،في مداخلته أمام جلسة البرلمان التي عقدت في طبرق منذ فترة،”أنت انفردت بالمجلس ووضعته كأنه حقيبة للمستشار عقيلة صالح وليس لباقي النواب”، مردفًا أن “بعض قرارات رئاسة مجلس النواب كانت منفردة”.
وأضاف «السعيدي» أنا “لا ألوم على زملائي الذين ذهبوا إلى طرابلس نتيجة استغوال هيئة الرئاسة في اتخاذ القرارات المنفردة وهذا ما ضيع حقوق المشهد ، ولومي الأول والأخير على هيئة الرئاسة”.
وتابع؛ ”دعونا نكون منصفين أمام أنفسنا، فنحن في نهاية المطاف نواب، ورئيس مجلس النواب الآن نائب، فلا أحد فوق أحد ولا أحد أكثر قرابة”، مواصلًا: ” أنا ألبسك ثوب ما أسميته الأقاليم الثلاثة، واليوم الاستحقاق الحقيقي لرئاسة مجلس النواب وهي لفزان في هذه الحالة، طالما تولى رئاسة المجلس الرئاسي شخصية من الشرق وتولى منصب رئيس الحكومة رئيس من الغرب فمن حق الجنوب الليبي أن يرأس مجلس النواب الليبي”.
طرابلس ليست آمنة
ومن جانبه برر رئيس مجلس النواب الليبى عقيلة صالح، مطالبته الحكومة الليبية الجديدة العمل من سرت لتفادي المجموعات المسلحة، قائلًا: إن “العاصمة طرابلس غير آمنة للأسف بسبب وجود الميليشيات فيها”.
وتابع في تصريحات صحفية، ” طالبت رئيس المجلس الرئاسي الليبى محمد المنفي ورئيس الوزراء الليبى عبد الحميد الدبيبة بسرعة إخراج المرتزقة”.
مستنكرًا في الوقت نفسه، ما وصفه بـ “الاعتداء على وزير داخلية الوفاق”، قائلًا إن “هذا يعني أن الحكومة لا تسيطر على طرابلس”، موضحا أن “محاولة اغتيال باشاغا تؤكد أن الوفاق لا تسيطر على العاصمة طرابلس، وأن الميليشيات تسيطر على طرابلس”.
وقال «عقيلة»، إن “الوقت المناسب لدراسة الاتفاقيات السابقة يكون بوجود سلطة دائمة وموافقة تشريعية”، موضحا أن “عقد جلسة البرلمان في سرت لمنح الحكومة الثقة بعد تشكيلها”.
وتابع رئيس مجلس النواب، أنه “لرئيس مجلس النواب صلاحية الدعوة لعقد جلسة منح الثقة للحكومة”، مستطردا: “طالبت بعقد جلسة منح الثقة في سرت وسيتم ذلك بعد تشكيل الحكومة الليبية”.
وقال “عقيلة” إن “تغيير اللائحة الداخلية يتم فقط في المقر الرئيسي لمجلس النواب ووفق الدستور”، موضحا أن “قرارات مجلس النواب تتخذ في مقره الرسمي وليس في مكان آخر”.
التحجج بالوضع الأمني
عضو مجلس النواب محمد الرعيض، علق على ما وصفه بـ “تحجج” عقيلة صالح بالوضع الأمني في العاصمة بأن نائبيه حميد حومة وفوزي النويري موجودون بطرابلس.
وأضاف «الرعيض» في تصريحات صحفية، أن “هناك جلسة ستقام مع النائب الأول والثاني لعقيلة لإقناعهما بأن 6 سنوات من الرئاسة كافية، وأنه لابد من المضي قدما في الحياة السياسية وترك المجال لحلحلة الوضع السياسي الليبي من خلال السلطة التنفيذية الجديدة”.
وأكمل؛ أن “أكثر من 140 عضوا موجودون اليوم في طرابلس وضواحيها، وأنه لابد من إقامة جلسة برلمانية في العاصمة ولا يمكن التنقل بهذا العدد بين المدن الليبية وأنه بعد إتمام هذه الجلسة يمكن نقل الجلسات بين المدن.
وأوضح عضو مجلس النواب أنه يمكن القبول بنقل الجلسات إلى صبراتة أو غدامس لأن المدينتين جاهزتان أمنيا ولوجيستيا.
وذكر الرعيض أن هناك عدة أسباب تمنع عقد جلسة في سرت منها أسباب لوجيستية وليست أمنية بعد تأكيد لجنة (5+5) أن المدينة آمنة، مشيرا إلى أنهم لا يريدون إدخال اللجنة في أمور سياسية وهي أساسا عسكرية.
صبراتة قد تكون البديل
هذا وقال عضو مجلس النواب عن صبراتة فرج عبد الملك إن جلسة النواب في سرت مازالت غير واضحة، مرجحا عقدها في صبراتة بنصاب مكتمل الثلاثاء القادم، بجدول أعمال يتضمن تغيير الرئاسة وتعديل اللائحة الداخلية، مشيرا إلى أن مخرجات اجتماعات الغردقة قد تكون ضمن البنود.
وأضاف “عبد الملك”، في تصريحات صحفية، أن “مدينة سرت مازالت غير آمنة بالشكل المطلوب لانعقاد الجلسة في ظل صعوبة حضور عدد من النواب، وأكد أنهم على تواصل مع النائبين الأول والثاني للحضور ومن المتوقع أن يصلا إلى طرابلس الأحد”.
مناقشة عزل عقيلة صالح
وواصل “الرعيض” تصريحه قائلًا إن “عقد جلسة للنواب في سرت غير مناسب لوجستيا”، مضيفًا أن انعقاد جلسة في سرت لوجستيا غير مناسبة، وأن عدة أسباب تحول دون عقد جلسة في سرت أهمها يوجد بها مطار محتل وإذا ذهبنا لجلسة سرت ستهبط الطائرة في مطار السدرة، ونذهب من خلال وسائل النقل لسرت مسافة 200 كيلومترا، وهذا غير معقول”.
وتابع؛ أن “تغيير رئاسة مجلس النواب سيكون البند الأول خلال الجلسة المرتقبة في صبراتة، وتغيير أو تعديل اللائحة الداخلية وليس منح الثقة للحكومة”.
وأوضح أن “منح الثقة للحكومة الجديدة يتطلب عقد جلسة بالنصاب القانوني بحضور ما لا يقل عن 90 نائبا ويشترط حينها موافقة 50% منهم”.
وأردف: “سنعقد جلسة مجلس النواب من أجل منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبه الأسبوع المقبل”.
وفي وقت سابق أمس الثلاثاء، أكدت عضو مجلس النواب الليبية، عائشة طبلقي، أن النائبين الأول والثاني لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وصلا إلى طرابلس، لعقد جلسة تشاورية مع نواب المجلس المتواجدين حاليا في العاصمة، والتي لن يحضرها رئيس المجلس.
«عقيلة» والتهديد بانقسام المجلس
وفي سياق أخر، قال عقيلة صالح إن استقالته غير مناسبة في الوقت الراهن، من أجل استقرار ووحدة ليبيا والخروج من أزماتها وأن خروجه من مجلس النواب قد يؤدي إلى انقسامات في البلاد.
وأردف عقيلة في مقابلة تلفزيونية، أن رئاسة المجلس موجودة ولا يصح أن يقال الأكبر سنا “وهذه بدعة تحصل مرة واحدة عندما لا يكون هناك رئيس”، مردفًا أنه “في حالة سحب الثقة من أي أعضاء هيئة الرئاسة يجب موافقة 120 نائبا وفق الإعلان الدستوري”.
وذكر عقيلة أن اللائحة الداخلية تنص على وجوب توفر شرطين لتغيير رئاسة مجلس النواب، وهما العزل الصحي الواضح بتقرير من طبيب، أو الإضرار بعمل مجلس النواب بعرقلة عقد جلسات، وعد عقيلة نفسه غير معرقل مؤكدا أنه دائما يدعو النواب لعقد الجلسات.
وواصل “عقيلة” أن جلسات غدامس وصبراتة وغيرها باطلة بطلان مطلقا طبقا للقانون والدستور الليبي المعمول به، مشددا على أن “قرارات مجلس النواب يجب أن تتخذ من مقر المجلس الرسمي أو المؤقت فقط، وأن رئيس المجلس هو من يدعو تحديدا إلى جلسة منح الثقة للحكومة”.
«الماوي»: استقالتك أو إقالتك لن تقسم ليبيا
وردًا على تهديد عقيلة صالح بإنقاسم المجلس حال استقالته أو إقالته، طالبه المحامي عصام الماوي، رئيس المجلس الأعلى للحريات وحقوق الإنسان سابقا، بالاستقالة من منصبه وعدم الاقتداء بنبيه بري في لبنان، مشيرا إلى أن الأخير خلفه طائفة وحزب ويمتلك مفاتيح السياسة في بلده ولم ترميه الصدف عليها رمياً.
وقال الماوي، في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: “عقيله صالح يقول: “إن استقالته أو إقالته سوف تؤثر على وحدة البلاد وسوف تخلق مشاكل””.
وأضاف “أنا أقول له وعلى مسؤوليتي، إن استقالته أو إقالته، متى ما حدثت إحداهما، فلن يحدث شيء، لن تنقسم ليبيا ولن يخوض البرقاويين حرباً أهلية من أجل بقائك في منصبك كرئيس لمجلس النواب العاطل عن العمل منذ سنوات، فأطمئن إن كان ذلك ما يشغل بالك وما يحول بينك وبينها”.
وتابع “لذلك إن كان في نيتك الوفاء بعهدك والالتزام بما طرحته في المبادرة وما أسميتهُ (المثالثة) فالوقت مناسب لكي ترمي الاستقالة على وجه ستة مليون ليبي، وإن نويت ذلك فأعقلها وتوكل وسوف يحفظ لك التاريخ التزامك بالمبدأ”.
واستطرد “فقد اجتهدت وحاولت وهو -حق مشروع – في الوصول لرئاسة المجلس الرئاسي، ومن أجله حاورت العديد من الفاعلين -وهم شهود أحياء- ودفعت بأسماء معينة لتكون ضمن ملتقى الحوار -وقد تركك بعضهم- وقبلت بقائمة يقودها فتحي باشاغا”.
واستكمل “قد أخذت بالأسباب كما يقال، إلا أنها أقدار السياسة ودهائها، والتي قد حالت بينك وبين مُبتغاك، وما في ذلك عيب أو عار لكي تتنصل منه. أما الآن فخذها من ناصح أمين، لن تقبل الناس في برقة هذا التمسك بالكرسي ولن تدفع ثمن ذلك، ولا تقتدي (بنبيه بري) في لبنان، فخلفة طائفة وحزب وتوازنات إقليمية والأهم أنه يمتلك مفاتيح السياسة في بلده، ولم ترميه الصدف عليها رمياً”.
الوسوم