نيويورك تايمز: الدبيبة والمنقوش لم يردا على طلباتنا المتكررة للتعليق على واقعة “بوعجيلة”

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن الغموض يغلّف عملية تسليم أبوعجيلة مسعود المريمي المشتبه به في قضية لوكربي إلى السلطات في الولايات المتحدة الأمريكية.
ونشرت الصحيفة تقريرا تحت عنوان “ليبيا .. الغموض يغلّف عملية تسليم المشتبه به في لوكربي للولايات المتحدة”، ترجمته “الساعة24″، وقالت فيه: “أدى نقل مشتبه به ليبي إلى الولايات المتحدة لمحاكمته في تفجير طائرة لوكربي عام 1988 إلى إثارة التوترات في ليبيا، حيث رأى البعض في الدولة المنقسمة أن التسليم، في ظل ظروف غامضة، هو اختطاف وليس تسليما”.
وأشارت إلى أن “الولايات المتحدة قالت يوم الأحد إن مكتب التحقيقات الفيدرالي ألقى القبض على المشتبه به، أبو عجيلة محمد مسعود، فيما يتعلق بتفجير رحلة بان آم 103، التي كانت متجهة إلى نيويورك من لندن عندما انفجرت فوق بلدة لوكربي، اسكتلندا، مما أسفر عن مقتل 270 شخصًا كانوا على متنها، ويزعم المدعون الأمريكيون أن مسعود سلم لشركائه الحقيبة التي تحتوي على القنبلة المستخدمة في الهجوم”.
وتابعت: “لم يتضح على الفور من الذي سلم مسعود للأمريكيين، فليبيا دولة منقسمة منذ سنوات مع حكومات متنافسة في الأجزاء الشرقية والغربية، ومجموعة من المليشيات الإقليمية تمارس أيضًا سيطرة محلية، ولم تعلق الحكومة المؤقتة المعترف بها دوليًا، ومقرها غرب البلاد، على عملية نقل المتهم ولا يُعرف سوى القليل عن الدور الذي لعبته السلطات الليبية، ولم يذكر المسؤولون الأمريكيون تفاصيل عملية التسليم”.
واستدركت: “لكن احتمال قيام إحدى المليشيات بتسليمه أو قيام الحكومة المؤقتة بذلك للحصول على الدعم الأمريكي تم انتقاده في بعض أنحاء ليبيا”.
ونوهت الصحيفة إلى أن إطلاق سراح مسعود، ضابط المخابرات السابق في نظام العقيد الراحل معمر القذافي، من السجن في ليبيا تم هذا العام بعد أن قضى عقوبة بالسجن لمدة 10 سنوات بتهمة العمل ضد الثورة التي أطاحت بالنظام السابق، وأنه قبل نحو شهر، زعمت عائلته أن مسلحين يرتدون ملابس مدنية اختطفوه من منزله في طرابلس.
وقال عماد الدين بادي، الزميل البارز في مركز الأبحاث “أتلانتيك كاونسيل” بواشنطن، إنه علم بشكل مستقل أن مسعود قد تم تسليمه إلى جماعة مسلحة موالية للحكومة المؤقتة بعد نقله من منزله، مضيفا: “لا يمكن أن يسمى هذا تسليمًا في حد ذاته، إنها صفقة أكثر من كونها عملية تسليم”.
وأضاف بادي أنه يعتقد أن إدارة الدبيبة كانت حريصة على كسب ود واشنطن لدعم موقف الحكومة غير المستقر.
وأكد برايان فينوكين، كبير المستشارين في مؤسسة فكرية دولية “كرايسس قروب”، على “اللغز”، وقال: “لا نعرف في هذه المرحلة ما إذا كانت السلطات الليبية قد تعاونت مع هذه العملية أم وافقت عليها أم رضخت لها”.
ومن جهته قال جلال حرشاوي، المحلل الليبي، والزميل في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، إن رد الفعل العنيف ضد التسليم جاء من تصور أن الولايات المتحدة ربما تكون قد أبرمت صفقة تمكن المليشيات – التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها قوى مزعزعة للاستقرار، وتعرقل عملية إعادة توحيد البلاد.
وتابع حرشاوي: “الشعب الليبي لا يحب ذلك، هو يخيفهم لأنه يعطي الشرعية للجماعات المسلحة، هذه الجماعات المسلحة تقتل وتعذب وتعتقل الناس وتحتجزهم في زنازين لسنوات”.
وذكر حرشاوي أنه علم أن مجموعة شبه عسكرية تسيطر على الحي الذي كان يعيش فيه مسعود، أنها قد اختطفته في نوفمبر الماضي، ثم سلمته إلى مليشيا تُعرف باسم قوة العمليات المشتركة، والتي نقلته بدورها بعد ذلك إلى مدينة مصراتة.
واتهمت جماعات حقوقية قوة العمليات المشتركة الموالية للحكومة المؤقتة بتنفيذ عمليات إعدام وتعذيب.
واستكملت “نيويورك تايمز”: “التقارير التي تفيد بأن مسعود قد اختطف من منزله من قبل مليشيا ثم تسليمه إلى مجموعة مسلحة ثانية لا يمكن تأكيدها بشكل مستقل من قبل المسؤولين الليبيين أو الأمريكيين، ولم يرد ممثلو رئيس الوزراء الليبي ووزيرة الخارجية الليبية على طلبات متكررة للتعليق”.
وأوردت الصحيفة تعليق فينوكين، محلل مجموعة “كرايسس قروب”، وهو مستشار قانوني سابق في وزارة الخارجية الأمريكية، قائلا إن اعتراف عام 2012 الذي يُزعم أن مسعود اعترف فيه بالتورط في تفجير لوكربي إلى ضابط أمن ليبي، من المتوقع أن يظهر بشكل بارز في المحاكمة.
وتشمل التهم الموجهة لمسعود تدمير طائرة أسفر عن سقوط قتلى، وفقا للصحيفة الأمريكية التي أضافت: “وكان مسعود قد مثل أمام المحكمة الجزئية الأمريكية في واشنطن يوم الاثنين، وقد يواجه حكما بالسجن مدى الحياة إذا ثبتت إدانته”.
وتابعت الصحيفة: “ليس لدى ليبيا والولايات المتحدة معاهدة لتسليم المجرمين، لكن وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، قالت لبي بي سي العام الماضي إن ليبيا يمكن أن تعمل مع واشنطن لتسليم مسعود”، وأشار خبراء قانونيون إلى العديد من التعقيدات في القضية، بما في ذلك إثبات صحة اعتراف 2012.
وقال فينوكين: “وقعت أحداث هذه المحاكمة قبل 34 عامًا وفي عالم بعيد، وهذا بالطبع يمثل تحديات معينة”.
واختتمت الصحيفة: “قُدم مشتبه بهما آخران، وهما عبد الباسط علي المقرحي والأمين خليفة فحيمة، للمحاكمة في هولندا بموجب القانون الاسكتلندي بعد أن رفضت ليبيا تسليمهما للولايات المتحدة أو بريطانيا، وتمت تبرئة فحيمة بينما أدين المقرحي في عام 2001 وحكم عليه بالسجن مدى الحياة”.