اخبار مميزةليبيا

معهد بريطاني: إنهاء المواجهة بشأن الإنفاق الحكومي يمكن أن يكسر الجمود في ليبيا

اعتبر معهد تشاتام هاوس- والمعروف رسميا باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية، وهو معهد مستقل للسياسات مقره في لندن- أن انقسام الحكم المتجدد في ليبيا يعيق التقدم في الاتفاق على إطار انتخابي.

وقال المعهد، في تقرير كتبه تيم إيتون- باحث أول، في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا- وترجمته «الساعة24» إن إنهاء المواجهة بشأن الإنفاق الحكومي يمكن أن يكسر الجمود.

وأدى الإخفاق في إجراء الانتخابات المقررة في ديسمبر من العام الماضي، إلى إخراج خارطة الطريق السياسية الليبية عن مسارها، مما زاد من العداء بين حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة ومجلس النواب، برلمانها المنقسم بشكل مزمن، وفقا لتقرير تيم إيتون المعنون بـ« يمكن لاتفاق بشأن الإنفاق الحكومي أن يطلق العملية السياسية في ليبيا».

وأشار التقرير، إلى أن مجلس النواب عيين حكومة جديدة في فبراير الماضي، وهي حكومة الاستقرار الوطني، ويقول إن حكومة الوحدة الوطنية يجب أن تذهب، لكنها ترفض أن تغادر إلا بعد الانتخابات.

ولفت التقرير إلى أن هذا الانسداد مستمر، لكنه وصل إلى نقطة اشتعال مساء يوم 16 مايو، حين دخل رئيس الوزراء المعين لحكومة الاستقرار الوطني، فتحي باشاغا، إلى طرابلس في محاولة لتولي منصبه والعمل من العاصمة.

وأكد تقرير معهد تشاتام هاوس، أن تلك الخطوة أثارت اشتباكات بين الجماعات المسلحة، مما أدى إلى خروج باشاغا التفاوضي من طرابلس، وبصرف النظر عن هذه التطورات على الجبهة الأمنية، فإن انقسام الحوكمة المتجدد يطلق أنماطًا مألوفة من التنافس على الموارد.

وتابع التقرير:” بدون قانون الموازنة الذي أقره مجلس النواب، فإن حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة تنفق وفقاً للصيغة القانونية للواحد على اثني عشر، مما يعني أنها تنفق شهريًا ما تم تفويضه في أحدث موازنة، لكن حكومة الوحدة متهمة على نطاق واسع بالإنفاق خارج السجل من خلال بند الطوارئ الخاص بالإنفاق، متجاوزًا حدود واحد على اثني عشر”.

وأوضح التقرير، أن الشائعات تكثر حول استخدام حكومة الوحدة الوطنية للحوافز المالية لتأمين دعم الجماعات المسلحة لمساعدتها على البقاء في العاصمة.

واستطرد التقرير:” سعى مجلس النواب، رداً على ذلك، إلى حرمان حكومة الوحدة الوطنية من السيولة، حيث ضغط على المؤسسة الوطنية للنفط  لتجميد تحويل الأموال إلى مصرف ليبيا المركزي، وبالتالي منعها من الوصول إلى حكومة الوحدة الوطنية”.

وشدد معهد تشاتام هاوس، في تقريره، على المؤسسة الوطنية للنفط لديها مشاكلها الخاصة مع حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، حيث تشكو من عدم تلقيها أي تمويل لصيانة بنيتها التحتية أو سداد ديونها المتزايدة، حيث أدت هذه العوامل إلى قيام المؤسسة الوطنية للنفط بوقف تحويل الأموال إلى مصرف ليبيا المركزي، ظاهريًا بناءً على طلب من مجلس النواب”.

رداً على ذلك، سعت الولايات المتحدة إلى إنشاء “آلية مالية مؤقتة” لمساعدة الأطراف المتنافسة على التوصل إلى اتفاق بشأن الإنفاق الحكومي المقبول بشكل متبادل، ويشمل ذلك الاستمرار في دفع الرواتب وتقديم الدعم للقطاعات الرئيسية للاقتصاد، مثل الكهرباء والمياه والمؤسسة الوطنية للنفط، مع إغلاق النفقات في أبواب أخرى من الميزانية، وفقا لتقرير معهد تشاتام هاوس. .

وتمكنت حكومة الوحدة الوطنية من تحقيق الأمر الواقع، مع تطور هذه المناقشات، فمن خلال الوعد بميزانية جديدة (وغير واقعية) للمؤسسة الوطنية للنفط، جنبًا إلى جنب مع التهديدات المباشرة، أقنعت المؤسسة الوطنية للنفط بتحويل 8 مليارات دولار كانت تحتفظ بها في حساباتها إلى مصرف ليبيا المركزي، مما يمنح حكومة الوحدة الوطنية مساحة لالتقاط الأنفاس هي بأمس الحاجة إليها”.

وبين المعهد، في تقريره، أن رد معارضي حكومة الوحدة الوطنية كان سريعاً، فقد تم تنفيذ إغلاق جزئي آخر للنفط في أبريل الماضي، مما كلّف ليبيا حوالي 550 ألف برميل يوميًا من الإنتاج و 60 مليون دولار يوميًا وسط ارتفاع أسعار النفط العالمية، لكن تحرك حكومة الوحدة الوطنية ما هو إلا إصلاح مؤقت، حيث أصدر عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، مؤخرًا بيانًا يؤيد تجميد عائدات النفط”.

ومن جهتها، أصدرت الولايات المتحدة بيانًا في منتصف شهر مايو الجاري، قالت فيه إنها تدعم أيضًا التجميد “حتى يتم الاتفاق على آلية لإدارة الإيرادات”، بحسب التقرير.

وأكد المعهد، أن هذا الخلاف يمثل فرصة للمجتمع الدولي، فيمكن لآلية مالية وظيفية متفق عليها بين الجهات الليبية المتنافسة أن تتجاوز إلى حد كبير النقاش حول الحاجة إلى حكومة مؤقتة أخرى، وتسمح للمفاوضات السياسية بإعادة التركيز على الاتفاق على إطار انتخابي.

وأشار المعهد، في تقريره، إلى أن الميزة الرئيسية التي تتمتع بها الحكومة الحالية، هي قدرتها على الإنفاق والحفاظ على شبكات المحسوبية من أجل تأمين مركزها، فإن وجود آلية يمكنها وضع قيود ذات مغزى على مثل هذه الأنشطة ووضع معايير للإبلاغ والرقابة من شأنها أن تقطع شوطًا طويلاً نحو نزع فتيل الموقف، ومن شأن هذا الإطار أن يحدد توقعات واضحة بشأن مؤسسات الدولة الليبية”.

في حين أن المجتمع الدبلوماسي لديه وجهات نظر مختلفة حول مدى فعالية مثل هذه الآلية، هناك إجماع على أن هناك حاجة إليها، تشمل التحديات الرئيسية تحديد متطلبات الإنفاق للقطاعات الرئيسية، وهي عملية معقدة عندما تكون هناك حاجة واضحة للعديد من القطاعات، مثل الرعاية الصحية، حسبما رصد تقرير المعهد.

وشدد المعهد، في تقريره، على ضرورة معالجة القضية المزمنة لدفع رواتب القوات المسلحة العربية الليبية، وستتطلب هذه العناصر مستوى من المشاركة والتعاون الدوليين لم يتحقق حتى الآن، لكن التحدي الأكبر سيكون ضمان أن تأتي الاتفاقية مصحوبة بتهديدات ذات مصداقية بأن كل ما يتم الاتفاق عليه سيتم تنفيذه.

وتساءل تيم إيتون، في تقريره، قائلا:” السؤال حول من سيشرف على هذا الترتيب وكيف؟، ليس مؤكدًا، لكن يبدو أنه يجب دمج آليات المساءلة الأفقية بين المؤسسات الليبية مع شكل من أشكال الرقابة الدولية الرأسية”.

ونوه التقرير، بأنه في حين أن الاعتماد المتبادل بين الجهات الليبية قد يساعد في ضمان الامتثال (على سبيل المثال، إذا تم كسر الصفقة، سيتم إغلاق النفط مرة أخرى قريبًا) سيكون هناك نقص في الثقة في أن مؤسسات الدولة الليبية، مثل ديوان المحاسبة، يمكن أن يشرف على تلك الترتيبات وحدها.

وأفاد التقرير، بأنه سيتم العثور حتمًا على الحلول، بدون التزام دولي بدعم إنفاذ آلية الميزانية، وفي أفضل الأحوال، ستجمد هذه الصراع بدلاً من حله، ولتحقيق هذه الغاية، يجب فقط حشد الإنفاق الأساسي أو المخاطرة في الآلية قد تصبح مريحة للغاية بالنسبة للنخبة الحالية”.

وأوضح التقرير، أن مثل هذا التوازن من شأنه أن يخلق مساحة وحوافز أكبر للنخب لإعادة الانخراط في مناقشات هادفة حول خارطة الطريق السياسية نحو الانتخابات، ففي هذا الصدد، لا ينبغي النظر إلى الآلية على أنها بديل للعملية السياسية بل كعامل مساعد لها.

وشدد على أن محاولة باشاغا لدخول العاصمة توضح أن الوضع الحالي لا يمكن تركه يتفاقم، بينما ينظر المجتمع الدولي في كيفية تغيير موقعه قبل انتهاء خارطة طريق مؤتمر برلين في يونيو، سيكون اتخاذ موقف قوي وموحد وراء الآلية المالية والدفع لاستئناف المفاوضات السياسية خطوة حكيمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى