اخبار مميزةمقالات

فوزي عمار يكتب: سرقات العصر الجميلة

كما هو معروف سرقت أوروبا أرض الأمريكيتين بعد استعمال البارود وإبادة الهنود الحمر في بداية القرن التاسع عشر، وقامت باحتلال أرضها ونقل ثرواتها بعد إبادة السكان الأصلين.

ثم اتجهت إلى إفريقيا أيضا لتحتلها و تنقل معادنها من ذهب و فضة و الألماس، وتتركها في حالة الفقر في جريمة من أكبر جرائم القتل والسرقة البشعة عبر التاريخ.

ثم تأتي سرقة أرض فلسطين هذا الجرح النازف في جسد العرب والمسلمين منذ قرابة سبعين سنة.

اليوم مظاهر أخرى من السرقات يمكن أن نسميها (سرقات العصر الحديثة) تقوم هذه السرقات على أساس البرمجة اللغوية مثل تمرير مصطلحات ذات جرس موسيقي وقيمة كمصطلح الديمقراطية والشفافية وحقوق الإنسان وحماية المدنيين الذي تستعمله الدول الكبرى لاحتلال دول أخرى تعبث بمقدراتها وتسرق مدخراتها تحت أسماء وعناوين جميلة براقة. مستغلة حاجة الشعوب في دول النامية إلى الحرية والتنمية وحقوق الإنسان وغيرها من القيم النبيلة إنها سرقة في وضح النهار يصفق فيها المسروق للسارق.

آلياتها الإعلام والبروباغندا الإعلامية والقوى الناعمة، تلك الآلة الجهنمية التي أجاد الغرب لعبتها وأعطى لها مصداقية كبرى وجند لها أسماء كبرى من قادة الرأي غربية وعربية، حتى أصبح المتلقي أسير هذه الآلة سواء التلفاز أو وسائل الميديا الاجتماعية التي تدخل دار نومك وتخلق رأياً عاماً حتى داخل أسرتك يرضخ لرأيها الجميع حولك وتأسر الأغلبية بما تنقل وطريقة نقل الخبر وتصيغ الخبر وفق رؤيتها وبالصيغة التي تجعلك أسيراً لها ولقناعتها لإقناعك أنت وتجعلك أنت تصل إلى النتيجة التي تريدها هي بناء على مقدمات مغلوطة تضعها أمامك، فهي تخاطب ذكاءك وتظهر أنك أنت صاحب الرأي وليست هي في عملية شديدة الذكاء والتعقيد؛ إنها سرقات العصر الجميلة.

وفشلت الأنظمة العربية في التعامل مع هذه السرقات فاهتمت بقوة السلطة ولم تهتم بقوة الدولة فقوة السلطة هي المنع من خلال الأجهزة الأمنية وقوتها أما قوة الدولة فهي قوة التنمية و الازدهار و الحريات والمشاركة في القرار السياسي و التوزيع العادل الثروة والاصطفاف وراء المشروع.

جاءت الثورة الرقمية وأصبح التواصل مباشرًا مع الجماهير دون المرور بالبوابة الأمنية القديمة التي تنصب شرطياً شبه أمي في بوابة أو مطار بينما أصبح تنزيل كتاب عبر الهاتف والحاسوب في دقيقة دون أن يشعر حارس البوابة.

وأصبح المواطن نكاية في الحكومة يتماهى مع ما هو عكس السلطة في عملية خلط لا تفرق بين الحكومة والدولة؛ فالدولة أهم وأشمل وهي الوطن أما الحكومة والسلطة فهي متغيرة وعرضة للنقد والمحاسبة والاختلاف معها يجب أن يكون جزءا من مشروع وطني وليس تخويناً أو تكفيرا.. فالوطن للجميع و الحكم يقوم على العدل و القضاء العادل والناجز كفيل بأخذ حقوق أي مطالب..

والمواطن هو أصل السلطة وهو الحامي للوطن وصاحب ثرواته و ليس الأجنبي. فالمواطن هو حجر الوادي الذي يبقى بعد أن يجف مائه.

والشعب مثل الحجارة لا يفنى بل يتكاتر حين يتفتت.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى