محمد الهوني: إذا أردنا قيام الدولة وبسط الأمن يجب أن نخرج من أوهام شعارات حكم الشعب

اعتبر المحلل الليبي، محمد عبد المطلب الهوني، أن “جهود أغلب الليبيين والقوى الغربية تضافرت في إسقاط نظام معمر القذافي وكان ذلك الهدف الوحيد المشترك بين هؤلاء الفاعلين ،ثم اختلفت الرؤى بعد ذلك في المطامح والمطامع”.
ووصف «الهوني» في منشور عبر حسابه على فيسبوك، الوضع في ليبيا بـ “متاهة الأوهام”، مردفًا أن “مطامح الليبيين كانت تتمثل فى إقامة دولة عصرية تعنى بالتنمية المستدامة تحقق الرفاه للمواطنين”.
وتابع؛ “أما مطامع الغرب فكانت موحدة فى مشكلة الهجرة غير الشرعية والإرهاب ومتضاربة فى الهيمنة الإقتصادية على الدولة الجديدة، وعلى الأخص فرنسا وإيطاليا، وكان خطأ الداخل والخارج يتمثل فى عدم القدرة على فهم المجتمع الليبى وعلى تبعات الزلزال الذي أعقب سقوط النظام”.
وأردف ” لأن الدولة فى ليبيا كانت لها مواصفاتها الخاصة ولم يكن النظام داخل الدولة وإنما الدولة كانت داخل النظام ،لذلك ما أن سقط النظام حتى سقطت الدولة، وكان حري بالفاعلين فى الداخل والخارج أن يعيدوا بناء الدولة، ولكنهم أحجموا عن فعل ذلك، وكانت النتيجة هي تراجع المجتمع إلى عصر ما قبل الدولة ،والدخول فى الحالة الهمجية”.
واعتبر «الهوني» أن البانوراما السياسية في ليبيا اليوم تتلخص فى: “المجموعات التى تصدت وقادت حركة التغيير كانت تعانى من القصور السياسى فكراً وعملاً ، فكانت تعتقد أن الانتخابات العامة النزيهة هي الوسيلة الناجعة لإقامة الدولة فى ظل إنتشار السلاح وتعدد الميليشيات التى شجعت على قيامها أبان الصراع المسلح مع النظام، كما اعتقدت أن الحكومة هي من يخلق الدولة وليس العكس، والخطيئة الكبرى لهذه المجموعة تتمثل فى عدم مطالبة الأمم المتحدة بمساعدتها بقوات أممية لجمع السلاح وتفكيك الميليشيات قبل الانتخابات بالرغم من مطالبتها بالتدخل لنصرتها في الحرب على النظام”.
وأكمل؛ “أجريت الانتخابات والتأم مجلس المشرعين ولكنه كان محاصر بالميليشيات التى منعته من إصدار أي تشريع يتعارض مع مصالحها ،ثم أجريت إنتخابات أخرى فقامت الميليشيات بأول خطوة لتقسيم البلاد إلى شرق وغرب وإقامة حكومتين متخاصمتين بعد عملية فجر ليبيا العنيفة”.
وواصل “حاول الجنرال حفتر توحيد البلاد بالقوة المسلحة وبسبب فشله فى إنهاء الصراع وإقامة الدولة تعقد الوضع بشكل خطير واستجد فى المشهد عنصر عدم استقرار آخر وهو الاحتلال الأجنبي وتواجد المرتزقة على الأرض الليبية تخضع لامرة دول خارجية”.
وقال إنه “تكونت مصالح وتجدرت المطامع فى نهب للمال العام من المتنفذين المواطنين والأجانب بعد عشر سنوات من الفوضى وغياب الدولة، وهذه المجموعات المستفيدة أضحت مؤسسات قوية ليس من مصلحتها قيام الدولة”.
وأوضح أن “القيادات التي تصدت للتغيير فى ما يسمى الربيع العربى فى ليبيا تبخرت منها من قتل ومنها من هجر ومنها من أنطوى على نفسه يجتر الخيبات ،ومن اصبح يمثل قوى التغيير هم أشخاص مغامرين ليس لهم هدف غير نهب الاموال بقوة السلاح”.
وواصل؛ “وبرزت منذ البدايات مجموعة من المثقفين والطامحين فى تسنم المناصب أو ما بات يطلق عليهم ميليشيات الكلام تقوم بالإجتماعات فى كل عواصم العالم تحت إشراف الأمم المتحدة والدول المتنفذة بقصد إيجاد حل للمعضلة الليبية ، وفى كل مرة يتوافقون على حكومة أو هيئة تسقط هذه الأجسام تحت هيمنة الميليشيات ،وتبدأ المحنة من جديد”.
وبين أنه “بعد هذا المسار المليئ بالأخطاء والخيبات وبعد كل هذه المعاناة التى يعانيها الناس فى حياتهم اليومية فى غياب الأمن والمال والغذاء والكهرباء والصحة ومستقبل أبنائهم هل ستكون الإنتخابات القادمة حلاً؟”.
أجاب موضحًا؛ “لا أعتقد في ذلك وسأطرح هذا السؤال هل البرلمان الجديد أو الرئيس المنتخب لهم قوة على الأرض يستطيعون بها تفكيك الميليشيات ونزع سلاحها؟”، لافتًا “من أين سيأتون بهذه القوة والبلاد تغص بالمرتزقة والميليشيات والعصابات الإجرامية المسلحة،أم سيستعينون بها؟”.
متسائلًا: “ما العمل؟”، ليجيب “أعتقد بعد كل هذه التجارب المريرة وهذه الأخطاء المتكررة وجب علينا أن نخرج من تفكيرنا «الرغبوي» وأن نرى الواقع بكل قبحه ونتعامل معه”.
وختم موضحًا “إذا أردنا قيام الدولة وبسط الأمن وجب أن يلتقى من يملك السلاح أو على الأقل المجموعات الكبرى منها تحت رعاية الأمم المتحدة وبتوافق من الدول الداعمة لهم ويتفقون على دستور ولقوانين التأسيسية وتقاسم السلطة ونخرج من أوهام شعارات حكم الشعب الذى سيظل يعاني من أولئك الذين يتكلمون باسمه”.