ليبيامقالات

ياسين عبدالقادر الزوي يكتب:«جمعة أحمد مالي في ذمة الله»

رحل إلي رحمة الله تعالى منذ أيام رجل من رجالات الوطن المخلصين، فقد فقدت واحة الكفرة شخصية كبيرة لها تقدير وأحترام من الجميع ، كان رحمه الله من الرعيل الأول الذي درس وتعلم خارج المدينة بداية السبعينيات من القرن الماضي .

تقلد الراحل العديد من المواقع الإدارية والقيادية وأبرزها قطاع التعليم في واحة الكفرة، حيث سجل بصمات في هذا القطاع لا يمكن أن تنسى من ذاكرة الناس فقد ساهم في بناء مدارس حديثة في مختلف أنحاء الواحة خففت على الطلاب مشاق التعليم وبعد المساحة .

وكان للراحل دوره المهم في التربية والتعليم ونشأت أجيال جديدة متعلمة وساهم بشكل كبير في المشاركة في معظم البرامج والنشاطات الخارجية وكان دائمآ أحد الوجوه المتميزة للواحة خارجيًا ولا تجد محفل أو مناسبة إلا مدعو لها أو مشاركًا فيها .

ومن خلال موقعه في التفتيش والرقابه الشعبية سابقًا وأيضًا في قسم المتابعة في فريق العمل الثوري وهي مواقع حساسة جدًا لم يكن الراحل من الناس الدين يمارسون وظيفتهم للابتزاز أو تصفية الحسابات مع الخصوم ورغم الخلافات القبلية التي تحصل بين الحين والحين إلا إنه ظل محافظًا على أسلوبه الهادىء في الحوار والتفاهم والابتعاد عن الصدامات .

وفي السنوات الماضية مع تطور الأحداث المؤسفة في الواحة، كان رحمه الله أحد أصوات العقل والحكمة في واحة الكفرة وكان الملجأ لكل لجان المصالحة ومحل تقة ومبعت اطمئنان للجميع ورسم طريق المصالحة الوطنية والحوار والسلام والاستقرار وكان من السباقين إلي أي مبادرة تحقن الدماء وتقرب الناس إلى بعضها.

شخصيًا كانت لي مع الراحل محطات ومواقف مشرفة أعتز بها سواء في المرحلة الأولى حينما كنت في مرحلة اختيار اتحاد الطلبة في ليبيا أو حينما كنت في طرابلس وكان ضيفًا زائرًا لها فكان يخصني بلقاء أو اتصال ولايبخل أبدًا بنصيحة أو توصية.

رحم الله الحاج والأستاذ جمعة أحمد مالي، وغفر له ماتقدم من ذنب وما تأخر ستظل سيرته العطرة وكلماته المعبرة في كل وقت ولقاء خصوصًا هذه المرحلة الصعبة طيلة العشر سنوات ماضية حاضرة في أذهان الجميع والطريق الذي رسمه للمصالحة والتعايش السلمي المشترك هو العنوان الذي سوف يسير عليه الكثيرين من أبناء هذه الواحة .

إن لواحة الكفرة خصوصية لا يعرفها إلا من مشى على حبات رمالها النقية الصافية وشرب من ماءها العذب وأكل من تمارها الرطبة ، فلقد خصها الإمام الراحل المهدي السنوسي بدعوته المباركة وجعلها مركزًا روحيًا لحركته ينطلق منها الدعاة إلي كل مكان في أفريقيا .

وإن هذه القيم النبيلة التي زرعها في سكان هذه الواحة ويتوارتونها جيل بعد جيل ظهرت جليًا في مشاعر الحزن لدى سكان الواحة على رحيل الحاج جمعة أحمد مالي.

لقد رحل الفقيد وكانت أخر كلماته التي كتبها على حائط صفحته على الفيس بوك حينما شعر بدنو أجله هي (أيها الليبيون كلكم جسد واحد والعدو يستهدفكم جميعآ وأنتم عنه غافلون! إلا يؤلمكم ما يحصل لكم وللوطن كل يوم أمام بصركم وسمعكم؟! “.

يجب أن تأخذوا حذركم من أعدائكم وتتجاوزا أحقادكم وتتركوا نزاعاتكم وصراعاتكم البينية المدمرة لكيان وحدتكم .

عليكم أن تبادروا بالتسامح فيما بينكم كإخوة أشقاء أبناء وطن واحد ودين واحد ومصير واحد وتنسوا كل الخلافات والانقسامات السياسية والاجتماعية بينكم .

بهذه الكلمات المعبرة والتي كتبها الفقيد يوم 9 سبتمبر الماضي على حائط صفحته على الفيسبوك وكأنه يودع الدنيا بهذه الجمل المعبرة التي تدل على حرص وطني وأخلاق كبيرة تميز بها الراحل .

إن كل الكلمات لا تعطي حق الرجل فسوف يفتقده الجميع صغارًا وكبارًا تعازينا لأسرته الصغيرة وأبنائه وأيضًا نعزي فيه كل إخوتنا من قبائل التبو في واحة الكفرة وغيرها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى