«شلقم»: الأحداث تتحرك بسرعة في تونس وهناك الكثير من الأبواب التي لم تفتح بعد
أبدى عبد الرحمن شلقم، وزير الخارجية الأسبق، رضاه عن الخطوة التي قام بها الرئيس التونسي، قيس سعيد، بعد إقالته لرئيس الحكومة هشام المشيشي، وتعليق عمل البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، تحت وطأة المظاهرات الحاشدة ضد الإخوان وحركة النهضة التابعة لهم، في جميع أنحاء البلاد.
وقال شلقم في مقال له، بصحيفة «الشرق الأوسط»: “أخيراً قرأ الرئيس التونسي قيس سعيد بيانه الأول بعد أن وعد وتوعد لأسابيع. عانت البلاد التونسية من معاناة مركبة، لم تغب عنها الضائقة المالية والجائحة الكورونية التي اكتسحت البلاد والسيولة السياسية التي شلَّت حركة المجتمع”.
وأضاف “الدولة تشظت وتنافس على قيادتها أكثر من رأس، وارتفع السؤال الشعبي والنقابي، ما العمل؟ دستور 2014 وزع السلطات بشكل أربك العمل السياسي، فلا هو نظام رئاسي ولا برلماني ولا حتى مختلط بشكل واضح، وقال عنه الرئيس قيس سعيد، إنه دستور مفخخ. تكوين البرلمان أسهم في إعاقته فقد تشكل من قرابة عشرين مكوناً سياسياً به أحزاب ومستقلون. حركة النهضة ذات المرجعية السياسية الإسلامية حازت الأكثرية في البرلمان وتولى زعيمها راشد الغنوشي رئاسته. ارتفعت الأصوات التي حمّلته مسؤولية العثرات التي عاشها البلد”.
وتابع “الحوار الوطني كان الخيار الذي طرحته أكثر من جهة سياسية ونقابية لكنه لم يحصل على الإجماع، وظل البلد يتحمل كل يوم المزيد من ثقل المعاناة الاقتصادية والصحية. ارتفاع الإصابات بالـ«كورونا» وانهيار المنظومة الصحية، كان المطرقة التي ضربت كل الشرائح الاجتماعية، ورغم وصول شحنات المساعدة الدوائية من الكثير من الدول فإن الجائحة ظلت خارج السيطرة”.
وأشار إلى أن الارتباك السياسي والإداري كان المسؤول الأول عن معاناة الناس، قائلا: “خمسة وزراء صحة خلال سنة ونصف، وتسعة وزراء يمارسون عملهم بالتكليف في حكومة لم تنل موافقة رئيس الجمهورية. صارت كل الأبواب مسدودة للخروج من حلقة المعاناة الثقيلة”.
واستطرد “ما زالت الأحداث تتحرك بسرعة على كل المستويات وهناك الكثير من الأبواب التي لم تفتح في تونس بعد. الخوف من ردود الفعل العنيفة التي لا يعرف أحد مداها يخيم على أطياف المجتمع، وما زال البعض ينتظر نتائج الاجتماعات المتواصلة لقيادة الاتحاد التونسي للشغل وهو المكون النقابي الذي له دور سياسي واجتماعي محوري في البلاد”.
واستكمل “هل سيقف رد فعل حركة النهضة عند النقد الكلامي أم سيتحول رفضها إلى غضب يتحرك على الأرض مما ينذر بتطور لا يمكن التكهن بقوته ومداه. هل سنشهد مبادرة نوعية من المنظمات النقابية التونسية الأربع التي قامت بدور محوري في إنجاح الحوار الوطني، وهي الاتحاد التونسي للشغل، والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية”.
وشدد شلقم، على أن الرئيس قيس سعيد، اليوم في وضع لا يمكنه التراجع عنه خصوصاً وقد حصل على تأييد شعبي واسع ويدعمه الجيش وقوات الأمن، وحركة النهضة في موقف بالغ الحساسية فهي تدرك ما يعنيه رئيس الدولة بتوليه مهمة النائب العام ورفع الحصانة عن جميع أعضاء مجلس نواب الشعب ما يعني ملاحقة العديد من أعضائها قضائياً وإمكانية إخراجها نهائياً من المشهد السياسي.
وواصل “لقد عدَّل الرئيس في تصريح لاحق قوله بتجميد مجلس نواب الشعب إلى تعليق عمله مدة شهر قابل للتمديد، فهل ينوي الرئيس الدعوة إلى انتخابات مبكرة، أم سيعمل على تعديل الدستور ويعيد النظام الرئاسي الذي حكم تونس في عهدي الرئيسين بورقيبة وبن علي؟، لا شك أن تونس بعد قرارات قيس سعيد غير تلك التي كانت قبلها وستشهد تغييرات كبيرة سترينا الأيام القادمة مداها وارتداداتها على المستويين الاجتماعي والسياسي”.
وأوضح أن قيس سعيد، أدرك أن هناك خللاً كبيراً وخطيراً في آلة البلاد السياسية والإدارية، والحقيقة الخطيرة هي، أن تونس بما تعانيه لا تحتمل أي نسمة من العنف وكذلك دول الجوار خصوصاً ليبيا التي تشترك مع تونس في كل شيء وصدق الرئيس الحبيب بورقيبة عندما قال: «تونس وليبيا شعب واحد في بلدين». الأمل في مدنية وعقلانية الشعب التونسي الراسختين القادرتين على اجتراح الحلول للأزمات وتجاوز مستنقعات المحن.
الوسوم