اخبار مميزة

السني أمام مجلس الأمن: حريصون على بناء الدولة المدنية وإرساء مبدأ المحاسبة

قدم طاهر محمد السني، مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، الشكر إلى فاتو بن سودا على تقريرها الحادي والعشرين وإحاطتها اليوم وجهودها خلال فترة عملها السنوات الماضية، بشأن الوضع في ليبيا.
وقال السني، أمــــــام مجلس الأمن في الجلسة الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية:” لقد شهدت ليبيا تطورات إيجابية في الفترة الأخيرة تمخض عنها سلطة تنفيذية موحدة، انتهت بها أزمة الشرعيات التي كانت لسنوات أحد أهم أسباب الصراع، هذا الواقع السياسي الجديد من أهم أولوياته قيادة البلاد خلال المرحلة التمهيدية حتى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة نهاية هذا العام، لذا نتمنى تكاثف جهود المجتمع الدولي لإنجاح هذه الاستحقاقات حتى نصل بالبلاد إلى الاستقرار الذي من شأنه أن يساهم في تأصيل قيم الحرية والعدالة وسيادة القانون.
وأضاف طاهر السني، في كلمته، أن الشعب الليبي حريص كل الحرص على بناء الدولة المدنية الحديثة رغم الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وارساء مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، وهذا لن يتأتى إلا عند تفعيل مسار المصالحة الوطنية الشاملة ، والتي تبدأ بالعدالة وإظهار الحقيقة والمصارحة وجبر الضرر.
وتابع:” كما نعلم جميعاً أن المصالحة هي أساس مسار العدالة الانتقالية، وبها فقط نستطيع طي صفحة الماضي المؤلمة والتي عانى فيها الشعب الليبي على مدار عشر سنوات”.
واستطرد:” في إطار مساعي الحكومة لإرساء روح العفو والمصالحة، فقد أعلنت وزارة العدل منذ أيام عن الإفراج عن 78 سجيناً، تحت شعار ”المصارحة والمصالحة“ ، وكذلك شاهدنا تبادل للأسرى برعاية لجنة 5+5 منذ أيام ، ولازالت الجهود مستمرة للافراج السريع غير المشروط عن المواطنين المسجونين من دون وجه حق وبلا أية تهم أو أوامر قبض أو من ثبتت برائتهم في كامل أنحاء ليبيا”.
وأكد السني، ولاية القضاء الوطني في مقاضاة جميع المتهمين وفقاً لقانون العقوبات الليبي ، والذي يعكس السيادة الليبية على إقليمها ومواطنيها، والقضاء الليبي ملتزمٌ بضمان محاكمة عادلة ونزيهة لكل المطلوبين، ونحن في ليبيا ننظر إلى دور المحكمة الجنائية الدولية على أنه دورٌ تكميلي لتحقيق العدالة ومنع الإفلات من العقاب، وبالأخص مع من يقعون خارج نطاق سلطة الدولة.
وأضاف:” لذا نأمل أن تتعاون كل الدول مع السلطات القضائية الليبية لإجراء التحقيقات اللازمة والمساعدة في تقديم المطلوبين للعدالة الوطنية، وفي هذا السياق فإننا نثني على التعاون القائم بين مكتب النائب العام الليبي ومكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية بالخصوص”.
وأوضح:” نشارك بن سودا، ما ذكرته في تقاريرها المختلفة، عن وجود عدة انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في بعض مناطق ليبيا، والمتمثلة بالأخص في الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والسجون السرية والمحاكمات العسكرية خارج القانون، والاتجار بالبشر ، وما أكتشف من مقابر جماعية عقب الحرب الأخيرة على طرابلس وضواحيها”، على حد قوله.
ونوه السني بأنه لازال ينتظر نتائج التحقيقات التي توصل إليها فريق الجنائية الدولية الذي زار ليبيا مؤخراً وتحديد المتورطين في هذه الانتهاكات الجسيمة، والتي تعددت أسبابها ودوافعها، فمنها ماهو بدافع سياسي أو جهوي، أو بدافع إجرامي اقترفتها تشكيلات مسلحة أو مرتزقة، على حد زعمه.
وادعى أن الظروف قد تخدم بعض المجرمين إلى حين،  لكن هذا لا يعني إفلاتهم من العقاب؛ لأن هذه الجرائم لن تسقط بالتقادم، مؤكدا التزام السلطات الليبية بتحقيق العدالة للضحايا وأسرهم، والعمل على حماية جميع مواطنيها والأجانب المقيمين على أراضيها”.
وتابع:” نود التأكيد على حرص الدولة الليبية على حماية المهاجرين غير الشرعيين ضد أي انتهاكات قد يتعرضون لها بسبب الأزمة الراهنة، ورغم كل التحديات فإننا نقوم بما يمكن لحمايتهم وانقاذهم والعمل على ترحيلهم متى أمكن ذلك، ولكن وجب أيضاً التذكير هنا نرحب بالتعاون مع المنظمات الدولية الانسانية المتخصصة ، ولكننا لن نقبل بأي محاولات من بعض الدول لخلق وفرض ظروف من شأنها تأسيس مبدأ اللجوء والتوطين في مخالفة للقوانين والتشريعات الوطنية، ولحل هذه المشكلة نطلب أيضاً من الجنائية الدولية ملاحقة تجار البشر والمهربين وشبكاتهم العابرة للحدود سواء في أفريقية أو أوروبا، وعدم الاكتفاء بالمتورطين داخل ليبيا.”
وشدد على ضرورة استكمال توحيد مؤسسات الدولة وإصلاح المنظومة القضائية وتطوريها ، وهذا الأمر يحتاج دعم الحكومة واستقرار البلاد وأهم من ذلك انهاء كافة أنواع التدخلات الخارجية.
وأفاد بأن دعم المجلس والمجتمع الدولي لإرادة الليبيين وقرارهم الوطني، سيساهم بشكل كبير في تحقيق العدالة  والمصالحة وبناء دولة المؤسسات والقانون.
وعن الوضع في القدس، قال السني، في كلمته:” في ضوء حديثنا عن العدالة وحقوق الانسان، ورغم أن جلسة اليوم مخصصة للوضع في ليبيا، لكنه لا يمكن أن نغفل أبداً الأوضاع المأساوية التي يشهدها شعبنا في فلسطين هذه الأيام، ومن خلال هذا المنبر فإننا في ليبيا رئاسةً وحكومةً وشعباً ندين بأشد العبارات الاعتداءات التي تشهدها الأراضي الفلسطينية من قبل قوات الاحتلال، والتى بدأت بأحداث حي الشيخ جراح وإخراج العائلات من بيوتهم”.
وتابع:” وندين التعدي على المُصلين الآمنين في المسجد الأقصى وتدنيس المقدسات في شهر رمضان ، وما تابع ذلك من قصفٍ وحشي على قطاع غزة حتى هذه اللحظة ، راح ضحيته عشرات الأبرياء من بينهم أطفال ونساء خلال عيد الفطر المبارك. لذا نطالب مجلس الأمن باتخاذ خطوات عملية وفاعلة لايقاف هذه الاعتداءات فوراً والكف عن سياسة الكيل بمكيالين، وتسوية المعتدي بالمعتدى عليه، وتناسي من هو الفاعل ومن هو المفعول به ، هذه السياسة التي تسببت في الشعور باليأس في ايجاد حلولٍ سلمية للأزمة ، وبسببها أصبح مبدأ الدفاع عن النفس حِكراً على طرفٍ دون آخر رغم كل الانتهاكات.
واختتم:” نؤكد أنه مهما كان حجم الأزمة التي تمر بها بلادي ومهما كانت خلافاتنا الداخلية ، فإن الشعب الليبي موحدٌ ولا يختلف أبداً على أن القضية الفلسطينية هي قضيته الأُم ، ويؤكد على عدالتها وضرورة استرجاع حقوق الشعب الفلسطيني بما يرتضون، حتى قيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القُدس الشريف، فلا سلام دون عدالة “.
الوسوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى