اخبار مميزة

كاتب مصري: المليشيات في ليبيا تدرك أن تطبيق قواعد المصالحة يعنى القضاء على وجودها

أكد الكاتب الصحفي المصري، عماد الدين حسين، رئيس تحرير جريدة الشروق، عضو مجلس الشيوخ المصري، أن “ما حدث في طرابلس الجمعة الماضى، أمر شديد الخطورة، ويذكرنا بأن استقرار ليبيا، وانطلاقها للأمام، يحتاج إلى تجاوز عقبات وعراقيل جمة، وأن على المتفائلين أن يتواضعوا قليلا، لأن الواقع شديد البؤس”.
وقال «حسين» في مقال له بجريدة «الشروق» المصرية: “المفترض أن هناك عملية سياسية شاملة انطلقت برعاية الأمم المتحدة والمجتمع الدولى وقادت إلى تكوين حكومة وحدة وطنية، انطلاقا من اجتماع جنيف في فبراير الماضي”.
وتابع؛ “تم اختيار عبدالحميد الدبيبة رئيسا للوزراء، ومحمد المنفى رئيسا للمجلس الرئاسى، إضافة إلى العديد من الإجراءات التي تستهدف تعزيز الثقة وإعادة بناء المؤسسات والجيش، وتعمير ما دمرته الحرب الأهلية المستمرة منذ عام 2014، ومن بين أهم أسس المصالحة إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد، وتفكيك المليشيات التى هيمنت على المشهد السياسي منذ سقوط نظام معمر القذافي نهاية عام 2011”.
وأردف «حسين»؛ “لكن مساء الجمعة فوجئ الجميع، بأن مليشيا «بركان الغضب» وهى خليط من إخوان وسلفيين ومتطرفين وقادة مليشيات، حاصرت فندق كورثينا وهو مقر اجتماع المجلس الرئاسي فى العاصمة، لإجبار رئيسه محمد المنفى، على إقالة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، ورئيس جهاز المخابرات الجديد حسين محمد خليفة العائب، بحجة أنهم من مؤيدي قائد الجيش في بنغازى المشير خليفة حفتر”.
واعتبر الكاتب الصحفي، أن “هذا التطور يكاد ينسف العملية السياسية بأكملها، أو فى أفضل الأحوال يهددها فى مقتل، ويضع علامات استفهام كثيرة على مستقبل المصالحة فى ليبيا”.
وقال عماد الدين حسين، إن “المليشيات بدأت التجهيز للحشد منذ مساء الخميس الماضى، واجتمع قادتها علنا في مصنع التبغ الذي يسيطر عليه عماد الطرابلسى الرئيس السابق لجهاز المخابرات، وقال قادة الميلشيات إنهم يرفضون تعيين أى مسئول مؤيد لحفتر، أو ضد ثورة 17 فبراير فى الحكومة الجديدة”.
وأضاف؛ “وكان ملفتا للنطر أن محمد الحصان آمر المليشيات 166، دعا لتمرد مسلح ضد المجلس الرئاسى، بتهمة أنه رضخ لخليفة حفتر، وعين بعض من أيدوا وشاركوا في حصاره لطرابلس قبل نحو العامين”.
وأكمل؛ “هذا ما حدث، ولا يمكن اعتباره إلا تمردا أو انقلابا صريحا ضد العملية السياسية التي أيدتها غالبية دول العالم والأمم المتحدة ومجلس الأمن، ويفترض أن تكلل بانتخابات شاملة فى ديسمبر المقبل تحت رعاية حكومة الدبيبة الانتقالية”.
وأردف؛ “المتمردون من المليشيات قالوا إن أيديهم على الزناد، حتى يتم إلغاء تعيين المنفوش والعائب، بل هناك تقارير أن هؤلاء المتمردين اختطفوا محمد المبروك مدير مكتب رئيس المجلس الرئاسي، فى حين تمكن محمد المنفى من الخروج من الفندق قبل دخول المتمردين”.
وأشار «حسين» “مرة أخرى ما حدث يوم الجمعة شديد الخطورة، ويعنى ببساطة أن المليشيات ماتزال باقية وقوية، وهى ترفض تفكيك نفسها، أو إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة خصوصا الذين أرسلتهم تركيا طوال العامين الماضيين، والأخيرة هى التى تمدهم بالمال والسلاح”.
وأكد أن “هذه المليشيات تدرك بجلاء أن تطبيق قواعد المصالحة، يعنى القضاء على وجودها، لأنه لا يستقيم وجود مليشيات مع حكومة موحدة أو جيش وطني”.
وبين أن “حكومة الدبيبة كانت تؤكد أنها تسيطر على الأوضاع، وأنها ستفرض سلطتها على كل مناطق البلاد، ثم فوجئنا بأنها غير قادرة عمليا على حماية مجلسها الرئاسي الواقع في قلب طرابلس!!”.
وأوضح أن “مليشيا «بركان الغضب» هى خليط من اتجاهات متطرفة كثيرة، لكن أبرزها الإخوان المسلمون والسلفيون، ومليشيات مصراتة، وجميعهم تحالفوا مع رئيس الحكومة السابق فايز السراج فى التصدى لهجوم الجيش الوطنى بقيادة خليفة حفتر والذى حاول تحرير ليبيا، لكن التدخل التركي والتواطؤ الدولي منعا ذلك.
واستطرد  أن “ما حدث يوم الجمعة كارثي، لكنه مفيد من ناحية ثانية، لأنه كشف حقيقة الأوضاع فى طرابلس العاصمة، وأنه قبل التفكير في أي شىء، فلابد من التأكد من تفكيك هذه المليشيات المتطرفة، وإخراج القوات الأجنبية من ليبيا، وكذلك المرتزقة، سواء كانوا مع هذا الطرف أو ذاك، وبالتالى ومن دون تحقيق هذين الهدفين، فلا يمكن الحديث إطلاقا عن مصالحة وطنية حقيقية فى ليبيا.
وختم مبينًا أن “ما حدث درس جديد لكل من راهنوا وأيدوا تكوين مليشيات خاصة مسلحة تحت لافتات ومسميات براقة سرعان ما يتبين للجميع أنها الطريق الرئيسى لتفكيك الجيوش الوطنية والبلاد، وأمامنا نماذج واضحة فى سوريا ولبنان واليمن والعراق وغزة”.
الوسوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى