«باشاغا» الطامع بالسلطة.. ولاؤه للإخوان وأردوغان وتحالفاته حسب المصلحة
يرى متابعون للشأن الليبي أن فتحي باشاغا وزير داخلية الوفاق مستعد لوضع ليبيا في مزاد علني للبيع من أجل الوصول إلى كرسي السلطة الأول، لكنه قطعا لن يتجرأ على المساس بمصالح تركيا في ليبيا، أو الخروج من عباءة أردوغان، حتى وإن كان ثمن الخروج هو الفوز برئاسة الحكومة المقبلة.
وذهبوا إلى أن ذلك يرجع إلى أن «باشاغا» الذي رضع من ثدي الإخوان، وأقبل بحماس إلى الانضمام والترويج لحزبهم «العدالة والبناء»، هو مسخر لخدمة أهداف التنظيم الدولي، وتحقيق أهداف أردوغان في السيطرة على الموارد الليبية، حتى وإن صدرت الميديا الإخوانية أن باشاغا يسعى إلى تكوين «جهاز شرطة حديث» أو يقوم بتقليم سطوة المليشيات وتفكيكها.
وأكدوا أن هذا الشغل الإعلامي الموجه يأتي من قبيل تلميع الرجل والتسويق له فقط، لأن الوقائع المقرونة بالأدلة تظهر عكس ذلك؛ فيكفي مثلا أن نورد بأن «باشاغا» الذي كان إلى وقت قريب يحسب عماد الطرابلسي على المليشيات المارقة؛ نراه يحتفي به؛ ويتبادل معه الدروع التذكارية؛ ويعقد معه اتفاقية تعاون أمني باعتباره مسؤولا على ملف المخابرات.
وفي الحقيقة أن باشاغا يريد فقط استخدام الطرابلسي كحليف في مواجهة مليشيات طرابلس المتمردة على سلطته، وحين تنتهي فترة استعماله؛ سيتم كنسه وإرجاعه إلى خانة الأعداء، مثلما فعل مع الصديق الكبير محافظ مركزي طرابلس، الذي وقع معه قبل أشهر اتفاقية تعاون لمكافحة الفساد وغسيل الأموال.
وأشاروا إلى أنه بعد أن اجتمع مجلس إدارة المصرف المركزي كاملا لأول مرة منذ عام 2014، وأعلن عن توحيد سعر الصرف، سارع باشاغا لمعاقبة الكبير ومنعه من السفر في خطوة فسرها المحللون الليبيون على أن توحيد سعر بيع العملة لن يصب في مصلحة تاجر الإطارات السابق الذي مازال يرى في استئثار شركاته الخفية على الاعتمادات بالسعر الرسمي فرصة ذهبية للمضاربة بالدولار والإثراء السريع؛ وفقدانها يعني خسارة مصدر كبير للأموال التي اعتاد استخدام جزء منها في شراء الذمم وتمويل العمليات السرية ضد معارضيه.
وقد فتحت صراعات النفوذ الدائرة بين المليشيات في العاصمة طرابلس بابا للتقارب بين وزير داخلية الوفاق فتحي باشاغا وآمر ما تسمى بـ«المنطقة العسكرية الغربية» أسامة جويلي، بعدما تعمقت هوة العلاقات بينهما في الفترة الماضية.
ويوم الاثنين قبل الماضي عقد باشاغا لقاءً مع جويلي، زعمت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق أنه جاء للتباحث حول عدد من المواضيع العسكرية، فيما يخص الدعم العسكري والأمني والتعاون المشترك، وكذلك استعراض الوضع السياسي والأمني داخل البلاد، على حد زعمها.
ورأى مراقبون للأوضاع في طرابلس، أن باشاغا التقى بجويلي من أجل دعمه عسكريا في التحضيرات الجارية لحرب المليشيات في طرابلس، والتي انقسمت إلى معسكرين أحدهما يتزعمه باشاغا، أمام المعسكر المضاد بقيادة هيثم التاجوري.
ويقول محللون استطلعت “الساعة 24” آراءهم، إن رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج يحاول إشعال الأوضاع في طرابلس، بضرب المليشيات المسلحة في بعضها، من أجل فرض نفسها رئيسا لمدة إضافية بحكم الأمر الواقع، وسط تعقيد الحوار السياسي الجاري.
ويستدل هؤلاء المحللين بأن السراج قرر فصل المليشيا التي تدعى “جهاز الردع” عن وزارة الداخلية التي يرأسها باشاغا، لتصبح جهازاً تابعاً له بذمة مالية مستقلة، ونصّب عبد الرؤوف كارة، رئيسًا له، ويأتي هذا بحسب المراقبين لتجريد باشاغا من قوته التي يستمدها من عدد من المليشيات بالعاصمة إضافة إلى مليشيات مصراتة، والتي يسعى التاجوري لطردها خارج طرابلس.
ووصف المحللون علاقات باشاغا والجويلي بأبعد ما تكون عن الصداقة، لاختلافهما في المصالح، واستدلوا على ذلك بتصريح تلفزيوني لجويلي أطلقه العام الماضي كشف خلاله أن باشاغا كان أحد مهندس عملية “فجر ليبيا” التي وصفها بأنها عملية إجرامية دمرت البلد ودمرت العملية السياسية برمتها وأدخلتنا في نفق مظلم.
وبحسب المحللين، لم ينس باشاغا رد الكف لجويلي، التي لم تهدأ علاقاتهما يوما خلال الفترة الماضية، ووجه ضربة لآمر المنطقة العسكرية الغربية في سبتمبر الماضي باعتقال عدد من “المرتزقة التشاديين” التابعين لقوات الجويلي في منطقة ورشفانة، لارتكابهم عمليات سرقة ونهب، لكن هؤلاء تمكنوا من الفرار وعادوا إلى جويلي مرة أخرى.
وفي الوقت نفسه، يؤكد المحللون أن الأوضاع المستقبلية قادرة على تفريق الحلفاء وتقريب الفرقاء، كما حدث بين باشاغا وحليفه عبد الرؤوف كاره آمر مليشيا “الردع”، من أجل الأطماع الذي أغراه بها السراج.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تخلى فيه قائد مليشيا «قوة الردع الخاصة» عبدالرؤوف كاره، عن حليفه القديم، فتحي باشاغا وزير داخلية حكومة الوفاق، رغبةً في ميزانية مستقلة سيمنحها له فائز السراج رئيس «المجلس الرئاسي» على أن يكون تابعاً له بشكل مباشر، في وقت رأى فيه مراقبون أن قرار «السراج» بإعادة تنظيم جهاز قوة الردع الخاصة بقيادة كاره، ليصبح تابعاً له بشكل مباشر، وذمة مالية مستقلة، بعيدا عن وزارة الداخلية التي يترأسها فتحي باشاغا، يستهدف توفير غطاءً أمنيا وولاء من قبل «الردع» لرئيس «المجلس الرئاسي» مباشرة.