من أسطنبول «الإخوان» يحركون المليشيات للسيطرة على «الإعلام» .. و«بعيو» يقف وحيدا في مواجهتهم بطرابلس
أثار خبر القبض على محمد بعيو مساء أمس الثلاثاء، حالة من الغضب لدى البعض حيث وصفوها بردة فعل تبرهن على حالة الفوضى التي تفرضها الميليشيات والعناصر الإجرامية على العاصمة طرابلس، ففي الوقت الذي شارك فيه عدد من النشطاء الموالين لمليشيا ما تعرف “كتيبة ثوار طرابلس” صورة للصحفي محمد بعيو، رئيس المؤسسة الليبية للإعلام، المعين من فائز السراج، محتجزًا داخل مقرها بعد اختطافه من منزله في منطقة السبعة، اعتبرمحللين للمشهد أن «بعيو» سيخرج بعد تلك الواقعة وكأنه بطل أسطوري خاض معركة لإجل السلام والمصالحة ودفع ثمنها الهجوم على بيته وخطفه وإظهاره وكأنه مجرم وليس وزيـرا للإعلام ، ولأن «بعيو» يعرف جيداً أن مصراته خط أحمر لكل المليشيات فهو على قناعة بأن هذه الضربة لن تكسر ظهره بل ستقويه وستجعل منه في نظر الكثيرين أشبه بـ «حمامة السـلام» التي تحمل غصن الزيتون في بلد تحكمه الغربان. بعيو يفضح الإخوان قبل لحظات من القبض عليهوقبل القبض عليه بلحظات، استنجد محمد بعيو، بالسلطات والأجهزة الأمنية، بعد أن هاجم مجموعة من “المجرمين” بيته مساء الثلاثاء، في العاصمة الليبية طرابلس.وأوضح محمد بعيو، أنه تلقى اليوم رسالة تهديد صوتية من الميليشياوي أيوب بوراس آمر كتيبة ثوار طرابلس، في وقت ازدادت فيه حملات أبواق الإخوان شراسة ضده بعد إحالته المدعو سليمان دوغة، مالك قناة “ليبيا الأحرار” الذراع الإعلامية لتنظيم الإخوان المسلمين في ليبيا والتي تبث من تركيا” المدعومة ماليا من قطر، إلى التحقيق بتهمة تبديد واختلاس 35 مليون دينار، ومحاربتي للفساد في الأجهزة الإعلامية.وأضاف “بعيو” عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”:” أعرف أنها معركة وطنية مقدسة بين مشروع الدولة الموعودة المنشودة، وبين واقع الإجرام والإرهاب والفساد، وسأخوضها بشجاعة وشرف، وحتى لو كنت شهيدها وهذا ما أتمناه، لن أتراجع ويقيني بالله يقيني شر أعداء الله”.وتابع:” ليبيا ستبقى، والدولة بإذن الله ستقوم وتكون، والمجرمون بإذن الله سيُهزمون، وإنّـا بإذن الله لمنتصرون”.أسباب القبض على بعيووكان محمد بعيو، قد قرر في وقت سابق، حظر خطاب الكراهية أو نشر ما يتعلق بما أسماها “الحرب الأهلية” على القنوات ووسائل الإعلام التابعة لسلطته.ووجه بعيو القنوات التابعة للوفاق بالتقيد بمقتضيات إعلام السلام، والتوقف عن بث كل ما يؤجج روح الحقد والكراهية، أو يرسخ ثقافة الانتقام والثأر ضمن البث العام، مع المعالجة الإعلامية الواعية للحروب والاعتداءات.وأكد بعيو، في خطاب وجهه إلى مدير وكالة الأنباء الليبية، مؤرخ في 4 أكتوبر الجاري، واطلعت عليه “الساعة 24، أن مؤسسة الإعلام ستراقب مدى الالتزام بالتعليمات، مشددا على اتخاذ الإجراءات الرادعة بحق مدراء القنوات والإذاعات التي لا تلتزم بما ورد في هذه التعليمات.وبسبب تلك القرارت شنت المليشيات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق وعناصر من جماعة الإخوان الإرهابية تشن هجومًا عليه.وبحسب وسائل إعلام موالية لحكومة الوفاق، نقلا عن مصادر خاصة، فإن بعيو أمر أيضا بحذف شعار “بركان الغضب” من القنوات الرسمية وإيقاف كل المواد الإعلامية التي تدين “حفتر” وتصفه بمجرم حرب، على حد تعبيرها.الهجوم على بعيو قبل القبض عليهوفي ردود الفعل على ذلك، أثنى عدد من رموز الإعلام على قرار بعيو، إذ نشر الكاتب محمود المصراتي القرار على صفحته بموقع “فيسبوك”، وأردفه بتعليق: “في قرار شجاع من السيد محمد بعيو أحد أهم أعمدة الصحافة والإعلام في بلادنا”.في المقابل أثار القرار غضب وسائل الإعلام الموالية للوفاق وعلى رأسها “ليبيا الأحرار” التي نشرت تقريرا عن ذلك، واستفزت عناصر المليشيات بقولها: إن بعيو أمر بإزالة شعار بركان الغضب من القنوات الرسمية”.وطالب آمر ما تسمى “غرفة عمليات سرت والجفرة” التابعة لمليشيات مصراتة، إبراهيم بيت المال، من المجلس الرئاسي برئاسة فائز السراج سحب قرار تعيين “محمد بعيو”، حسبما أفادت مليشيا “بركان الغضب على صفحتها على “فيسبوك”.وقال “بيت المال” إن محمد بعيو أصدر تعميماً للقنوات الإعلامية وصف فيه “عدوان حفتر” على طرابلس بـ”الحرب الأهلية”، وأمر بإزالة شعار “بركان الغضب” من القنوات الرسمية، على حد قوله.وأشار إلى أن “بعيو” شدّد على القنوات الإعلامية ووكالة الأنباء الليبية الرسمية التوقف نهائيا عن بث ونشر كل ما يتعلق بـ”العدوان على طرابلس” أو ما يصفه هو بالحرب الأهلية، على حد قوله.وأشار إلى أن “بعيّو” توعّد مديري القنوات والإذاعات باتخاذ الإجراءات اللازمة ضدهم في حال عدم الالتزام بتوجيهاته بشأن الامتناع عن تناول “العدوان على طرابلس” الذي يصفه بالحرب الأهلية.وزعم أن “بعيو” أصدر مؤخراً قرارا بتكليف شخصية إعلامية مناهضة لـ”ثورة فبراير” ومقربة من “حفتر” وأسند إليها مهمة إدارة البرامج والإنتاج المرئي في قناة الوطنية.وكان محمد عماري زايد وزير تعليم الوفاق قد قد استنكر مؤخرا قرار “فائز السراج” بتعيين “بعيو” رئيسا للمؤسسة الليبية للإعلام، ووصفه بالتكليف غير الشرعي، مستنكرا وصف جريمة العدوان على طرابلس بالحرب الأهلية، مدعيا أن ذلك تزوير للحقائق وطعن في شرعية المعركة التي خاضتها حكومة الوفاق وإهانة لقياداتها العسكرية، وتم اتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة للطعن في قرار الرئاسي غير الشرعي.ومن جانبه كان آمر ما يعرف بـ”لواء غريان” ناصر اشطيبة، قد هاجم قرار السراج بتعيين “محمد بعيو” ، في منصب رئيس المؤسسة الليبية للإعلام، معتبرًا أنه أحد الأذرع الجماهيرية للقذافي.وأضاف “اشطيبة” على صفحته الرسمية بموقع “فيسبوك” قائلا: “ماحدث من قرار تعيين لأحد الأذرع الجماهرية للقذافي هو عين الخطأ وما فعله من تنصيب إعلاميين مؤيدين للعدوان على العاصمة لهو كارثة عظمى” .وتابع “اشطيبة”: “تعين “محمد بعيو” مسؤولاً عن المؤسسة الإعلامية أبداً لم يكن قراراً صحيحاً خصوصاً وأن به أبعد كل الإعلاميين المناصرين لعملية بركان الغضب وأصبحت الساحة خالية لمجموعة من المتسلقين، وما فعله اليوم “بعيو” من تعيين أحدى إعلاميات الكرامة وزميلته في الانتماء لهو من الفساد إن لم يتكاثف القيادات للضغط على المجلس الرئاسي والرئيس من أجل سحب قرار التعيين من الأساس”.كما استنكر المدعو سليمان دوغة المدير التنفيذي لقناة “ليبيا لكل الأحرار” التي تبث من تركيا والممولة من قطر، وتعد أحد وسائل الإعلام التابعة للإخوان المسلمين، إسقاط “محمد بعيو” المعين من قبل فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي، في منصب رئيس المؤسسة الليبية للإعلام، لشعار “بركان الغضب” من وسائل الإعلام.وقال “دوغة” في تغريدة له على صفحته الرسمية بموقع “تويتر”: “محمد بعيو يشكل تهديداً للسلم الأهلي بعدما طالب بإسقاط شعار بركان الغضب من وسائل الإعلام”.وأيضًا طالب عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني عبدالسلام كجمان، رئيس ديوان المحاسبة، ومحافظ المصرف المركزي، ووزير الداخلية، ووزير المالية، بإيقاف العمل بتكليف محمد عمر بعيو، برئاسة المؤسسة الليبية للإعلام، والموقع باسم المجلس الرئاسي، لافتًا إلى أن طلبه يأتي لأن ذلك القرار مخالف للإعلان الدستوري الصادر في 3- 8- 2011، ومخالفًا للاتفاق السياسي الليبي الصادر بتاريخ 17- 12- 2015، واعتباره كأن لم يكن.عقب القبض على بعيو ونشر فرج شيتاو، الذي يقدم نفسه في وسائل إعلام باعتباره صحافي، وهو شقيق مراد شيتا وأحد عناصر ما يسمى بـ”سرايا بنغازي”، على صفحته بـ”توتير”، صورة لمحمد بعيو بعد إلقاء القبض عليه، معلقا عليها:” هذا مصير من يقوم بإزدراء شهداء عملية بركان الغضب، ويصفهم بضحايا الحرب الأهلية”.وسرعان ما هاجمت مليشيات حكومة الوفاق، القنوات التليفزيونية الليبية الرسمية، واجبرتهم على بث الأغاني الحماسية وإعادة شعار “بركان الغضب” بعد أن تمت إزالته مؤخرا بقرار من رئيس المؤسسة الليبية للإعلام الصحافي “محمد بعيو”، معبرين على صفحات التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا عن انتصارهم.يأتي ذلك في مشهد يعكس تحكم المليشيات والمرتزقة في طرابلس وعدم قدرة حكومة الوفاق على السيطرة، وأن من يديرون الأمور مجرد عصابات، الأمر الذي يؤكد كذب فكرة الدولة المدنية التي تتخذها حكومة الوفاق شعارا لها، حيث أجبرت المليشيات المسلحة مساء الثلاثاء الموظفين في قناة ليبيا الرسمية والوطنية الممولة من حكومة الوفاق على بث أغاني حماسية وإعادة شعار “بركان الغضب” بعد إزالته في وقت سابق اليوم واستبداله بوسم إعلام السلام بقرار من الصحافي المختطف محمد بعيو.بيان «ثوار طرابلس»وأصدرت ما تسمى كتيبة «ثوار طرابلس» بقيادة المدعو أيوب أبو راس، بيانا بشأن اعتقال محمد بعيو رئيس المؤسسة الليبية للإعلام، المعين من فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي، بالقرار رقم ( 598 ) لسنة 2020، والمستشار الإعلامي السابق لمحافظ مصرف ليبيا المقال من مجلس النواب “الصديق الكبير”.وأذاعت الكتيبة البيان، في الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء، وسط انتشار عناصر مسلحة من «المليشيات» مزودة بمضادات للطيران تحاصر مقر المؤسسة الليبية للإعلام في مبنى قناة ليبيا الوطنية في العاصمة الليبية طرابلس.وقال «البيان» إن ثوار طرابلس وكامل المنطقة الغربية والمنطقة الوسطى، يؤكدون أن المدعو محمد بعيو ليس رمزا من رموز ثورتنا المباركة وليس ممن ضحوا بأنفسهم وليس له علاقة بنضالنا”، على حد تعبير البيانوأضاف البيان:” لن نرضى أن يحكم إعلامنا شخص بدون مبدأ أو توجه حر شريف ولن نرضى أن تذهب دماء شهدائنا هباءً منثورا”، على حد وصفهم.وتابعوا في بيانهم:” نحن دولة حرة شريفة ولن يمثلنا شخص أو فكر أو توجه مبدأونا مبدأ كل الليبيين مبدأ الحرية والعزة والشرف ورفض الاستخفاف بالتضحيات الجبارة لشهداء بركان الغضب”، على تعبيرهم.وأشاروا إلى أن محمد بعيو لا يمثل مدينة مصراتة الشريفة التي قدمت تضحيات كبيرة من أجل الوطن وصد العدوان على طرابلس، متابعين:” نرفض أن يمثلنا محمد بعيو، في ظل وجود رجال أكفاء في “بركان الغضب” قادرون وصالحون لتولي هذه المناصب والذين تعرضوا للتهميش والاستبعاد خلال الفترات الماضية.«الوطنية لحقوق الإنسان» تطالب بالإفراج الفوري عنهقالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، إنها تابعت بقلق بالغ واقعة الاعتقال التعسفي التي تعرض لها الكاتب الصحفي محمد بعيو، رئيس المؤسسة الليبية للإعلام التابعة لحكومة الوفاق الوطني، من قبل كتيبة «ثوار طرابلس» مساء يوم أمس الثلاثاء، حيث تم الهجوم على منزله واقتياده إلى أحد المقرات العسكرية التابعة للكتيبة وإظهار صورة له وهو رهن الاعتقال القسري، في انتهاك فاضح وصارخ لحرية الصحافة والإعلام وحرية الرأي والتعبير .وأعربت اللجنة، في بيان لها، عن إدانتها واستنكارها حيال هذه الواقعة التي ارتكبت بحق محمد بعيو، مطالبة بإطلاق سراحه بشكل فوري دون أي قيد أو شرط.وحملت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، كتيبة ثوار طرابلس المسؤولية الجنائية والقانونية حيال سلامته وحياته .وجددت اللجنة الوطنية، التأكيد على أن الاعتقال التعسفي والاختطاف والإخفاء القسري يعد انتهاكا صارخا وممنهجا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والثقافية .وطالبت اللجنة، المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بسرعة التحرك العاجل لوقف هذه الممارسات والانتهاكات والجرائم وتحمل مسؤوليته القانونية والوطنية والإنسانية والإيفاء بالتزماته تجاه حماية الحقوق والحريات العامة وضمان سلامة وأمن المواطنين بشكل عام والصحفيين والإعلاميين والمدونيين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان بالعاصمة طرابلس .ودعت اللجنة، مكتب النائب العام بفتح تحقيق حيال هذه الممارسات والانتهاكات والجرائم وضمان تقديم المتورطين في ارتكابها للعدالة ومحاسبتهم .ماذا بعد القبض على بعيومن جانبهم أكد عدد من الصحافيين والإعلاميين والنشطاء الليبيين على وسائل التواصل الاجتماعي أن الوضع كارثي في العاصمة طرابلس وأن حرية التعبير والرأي والرأي الآخر كذبة لا يمكن تصديقها في ظل تغول المليشيات واستخدمها للعنف المفرط بكل أشكاله.وعبر أيضا عدد من الصحافيين والإعلاميين والنشطاء عن تضامنهم مع الصحافي “محمد بعيو ” المختطف من قبل مليشيات طرابلس، رافضين صمت بعثة الأمم المتحدة وتجاهلها لهذا الحدث الذي وصف من قبلهم بالخطير ويقوض جهود السلام.ولكن السؤال الذي ربما قد يطرحه البعض هو هل سيعلن محمد بعيو استسلامه لهذه الحملة الشرسة التي يقودها الاخوان ضده؟يرى بعض المتابعين للمشهد أن «بعيو» كان يبحث عن موقف مشابهه لما تعرض له منذ عام 2014، حيث كان دائما يحاول استفزاز المليشيات من فجر ليييا إلى بركان الغضب حتي يدفعهم للهجوم على بيته والقبض عليه، ولم ينال تلك «الهدية» إن جاز التعبير، إلا مؤخراً بعد أن تم تعينه في المؤسسة العامة للاإعلام وقام بإصدار جملة من القرارات التي يعرف جيدًا أنها ستحظى بشرعية دولية قبل أن تحظى بموافقة داخلية.واتهم عدد من المحللين الليبيين بأن محمد بعيو قام بالتخطيط بدهاء لتلك الأحداث، بحيث تتطور إلى شكلها الحالي وهو على قناعة تامة بأن سلامته الشخصية مضمونة بحكم انتمائه لمصـراته.ويؤكد المحللين للمشهد أنه بعد واقعة القبض على «بعيو» سيخرج وكأنه بطل أسطوري خاض معركة لإجل السلام والمصالحة ودفع ثمنها الهجوم على بيته وخطفه وإظهاره وكأنه مجرم وليس وزيـر للإعلام ، ولأن «بعيو» يعرف جيداً أن مصراته خط أحمر لكل المليشيات فهو على قناعة بأن هذه الضربة لن تكسر ظهره بل ستقويه وستجعل منه في نظر الكثيرين أشبه بـ «حمامة السـلام» التي تحمل غصن الزيتون في بلد تحكمه الغـربان .