مليشيات تتبع «حكومة الوفاق» تتقاتل بالسلاح الثقيل بين السكان.. فلمن يشكو المواطن؟
مع كل يوم تظهر براهين ساطعة على أن عملية ضم المليشيات لأجهزة الدولة الأمنية والعسكرية، ومنحها الشرعية، لن يشعر المواطن في ظلها بأي أمن، وإن صراع هذه المليشيات فيما بينها على الغنائم والامتيازات لن يتوقف، ولن يلجمه قرار صادر من السراج أو وزير دفاعه النمروش، بالمقابل يبقى المواطن هو الضحية وهو يرى هذه المليشيات كيف امتد استهتارها بحياة الأبرياء إلى درجة استخدام الدبابات في الشوارع الضيقة.وخلال أسبوع فقط، شهدت طرابلس معركتين بالأسلحة المتوسطة والثقيلة بين مليشيات تتبع حكومة الوفاق، ويتقاضى أفرادها مرتباتهم من خزينة المجتمع، بينما مهمتهم الحقيقية هي بث الرعب بين العائلات، والشروع في الإجرام دونما رادع.ويعتبر مراقبون، أن وجود المليشيات والمرتزقة السوريين والعناصر الإرهابية هم أكبر عائق أمام تحقيق الاستقرار والسلام في المدن الليبية، مشددين على أن الانفلات الأمني مستمر في العاصمة حال استمرار سيطرة المليشيات على المشهد هناك.العالقون في منازلهموفي مشهد يملأه الفزع، ناشد عدد من المواطنين العالقين في منازلهم جنوب غرب العاصمة طرابلس، قبل ساعات، المسؤولين بالتدخل في محيط الاشتباكات الدائرة بين المليشيات بالمنطقة وإجلائهم بعد إصابة بعض البيوت بالأعيرة النارية وتحطم نوافذها مع انقطاع الكهرباء.ونشبت اشتباكات مسلحة بين مليشيا «قوة الزنتان» بقيادة عماد طرابلسي ومليشيا من «قوة الزاوية» بالقرب من منطقة السراج بجوار معسكر 7 أبريل في العاصمة طرابلس.الأسلحة المتوسطةوأفادت مصادر لـ«الساعة24» إن المواجهات المسلحة استخدمت فيها الأسلحة المتوسطة، واشتد القتال بين عناصر من مليشيا الزنتان ومليشيا من مدينة الزاوية وكلتهما منضويتان تحت حكومة الوفاق الموالية لتركيا.وأوضحت المصادر، أن الاشتباكات نشبت بسبب حالة “سكر” لأحد العناصر يعرف “سالم البلعيزي” والذي تشاجر مع مجموعة منتمية لمليشيا بالزاوية.وأشارت المصادر، إلى وصول تعزيزات مسلحة من الزاوية باتجاه طرابلس، مؤكدة أن الأوضاع هدأت أمام معسكر 7 أبريل بعد حل الإشكالية وخروج مليشيا «القوة المشتركة» بكل قوتها لفض النزاع والقبض على العناصر الدين قاموا بالرماية على بوابة تتبع مجموعة من الزاوية تابعة للقوة المشتركة.ورغم تدخل «القوة المشتركة» إلا أن الاشتباكات لم تتوقف بين مليشيا «الزنتان» بقيادة عماد الطرابلسي ومليشيات من الزاوية في منطقة الكريمية واستمرار سقوط قذائف الهاون على منازل السكان ومزارعهم.اشتباكات تاجوراءأيضا الجمعة الماضي، شهد مدينة تاجوراء اشتباكات عنيفة بين ما تعرف بـ”مليشيا الضمان” و”مليشيا أسود تاجوراء” بمنطقة أربع شوارع “الجلدية” في بئر الأسطى ميلاد، حيث شهود عيان لـ”لساعة 24” بأن مدينة تاجوراء شهدت اشتباكات عنيفة اندلعت فجر الجمعة الماضي.وأكد شهود عيان، أن الاشتباكات استخدم فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، مشيرين إلى أن سبب الاشتباكات يعود إلى قيام مجموعة من “مليشيا الضمان” بالرماية على عنصرين من مليشيا “أسود تاجوراء” وقتلهما.وأوضح شهود عيان، أن الاشتباكات المستمرة، أدت إلى إقفال الطريق الرئيسي في “بئر الأسطى ميلاد”، مؤكدين أن الاشتباكات اشتدت بشكل كبير بعد أن دخل سلاح الدبابات إلى “المعركة”.ووصل الأمر إلى تدخل وزير الدفاع في حكومة الوفاق صلاح الدين النمروش، حيث أمر بحل كتيبتي “الضمان” بقيادة علي دريدر، و” أسود تاجوراء” بقيادة نادر الأزرق التابعتين لحكومته، حسبما أفادت وسأئل إعلام موالية لحكومة الوفاق.وقرر “النمروش” إحالة قادة الكتيبتين إلى المدعي العسكري في طرابسل للتحقيق معهم في الاشتباكات التي وقعت فجر الجمعة في منطقة بئر الأسطى ميلاد بتاجوراء.كما أصدر صلاح النمروش، تعليماته باستخدام القوة ضد ما أسماهما الكتيبتين إذا لم يتوقفا فورا عن إطلاق النار.ولكن سرعان ما تراجع “النمروش” عن قرار حل المليشيات والذي أصدره، وقرر تكليف ما تسمى قوة مكافحة الإرهاب وهي من مدينة مصراتة ويقودها ” علي الزين ” بفض ما وصفه النزاع القائم بمنطقة تاجوراء، وسط استغراب الكثيرين من المتابعين عن وظيفة قوة مكافحة الإرهاب ودورها المزعوم في حربها على التطرف أو أن المليشيات أساسهما مؤدلج.تخوفات دوليةوقالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، برئاسة الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة، ستيفاني ويليامز، تعليقا على أحداث تاجوراء، إنها تشعر بالقلق البالغ تجاه الاشتباكات بالأسلحة الثقيلة بين مجموعتين مسلحتين في الحي السكني بتاجوراء في العاصمة طرابلس، مما أسفر عن إلحاق الضرر بالممتلكات الخاصة وتعريض حياة المدنيين للخطر، حسبما أفادت في بيان لها.ودعت البعثة، وقتها، إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية بين مليشيا “الصمان ومليشيا “أسود تاجوراء”.ولفت البعثة إلى أنها تذكر جميع الأطراف بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني، مؤكدة أن هذه الإشتباكات المسلحة تؤكد مرة أخرى على الحاجة الملحة لضرورة إصلاح قطاع الأمن في ليبيا.مطالبات تشريعيةكما طالب رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب الليبى، طلال الميهوب، بضرورة الحد من جرائم الحرب التى تقع غرب ليبيا والتى تعرض حياة المدنيين للخطر.وحسبما نقلت عنه قناة “الحدث”، قال الميهوب “الأحداث التى وقعت فى مدينة تاجوراء تعكس حالة الفوضى وعدم وجود أى مؤسسات عسكرية أو سياسية منتظمة كما تدعى حكومة الوفاق”.وتابع أن انتشار السلاح الثقيل بيد المليشيات، يهدد حياة المدنيين كلما اندلعت الاشتباكات بين هذه المليشيات التى تحتكم لأوامر قادتها الذين تحكمهم الأهداف الشخصية، بعيدا عن سيادة الوطن أو الدولة المدنية التى يدعونها.وطالب الميهوب البعثة الأممية بضرورة توضيح الصورة، بشكل كامل على المشهد فى الغرب الليبى والذى يستوجب حل هذه المليشيات بشكل كامل لضمان المضى فى عملية الحل السياسى الذى ترعاه.وشدد الميهوب، على أنه فى حال عدم حل المليشيات ستكون العملية السياسية الحالية مجرد “صخيرات 2” دون إيجاد أى حل فعلى على الأرض، خاصة أن هذه المليشيات ستعيق أى عملية سياسية من شأنها الحد من عمليات السطو وسرقة المال العام وفرض السيطرة وإرهاب المدنيين.