إعلامي مصري: توقف النيران في ليبيا مقدمة لحل سياسي يبعد أشباح الفوضى
أكد الدكتور ياسر عبد العزيز أستاذ الإعلام المصري، أنه قبل أسبوع كانت الأوضاع في ليبيا تنذر بكوارث، في ظل احتمالات مفتوحة لم تستبعد حرباً إقليمية، يشعلها تصادم إرادات دول مهمة، وصراعات مصالح، وتدفق حشود من الميليشيات، وتراجع فرص الحل السياسي، وهو أمر كان سيفاقم معاناة الليبيين، ويكرس فشل الدولة، ويحولها إلى بؤرة لقوى الإرهاب، بما يلقى بظلال قاتمة على مستقبل الأمن والاستقرار في المنطقة، مشيرا إلى أن أمس الأول الجمعة، حدث تطور تاريخي لافت.وقال عبد العزيز، في مقال له، بصحيفة «المصري اليوم»: “ما حدث قد يكون مقدمة لحل سياسي يبعد أشباح الفوضى والإرهاب والحرب الشاملة، ويمهد لحل سلمى نعرف أنه صعب وعرضة لانتكاسات، لكن نعرف أيضاً أنه البديل الأقل تكلفة والأكثر تجاوباً مع مصلحة ليبيا وجيرانها القريبين والبعيدين”.وأضاف “لقد صدرت ثلاثة بيانات مهمة قبل يومين عن البعثة الأممية المعنية بإيجاد تسوية سياسية ملائمة ومتوازنة في هذا البلد الجار، وعن المجلس الرئاسي المهيمن في الغرب ومعه حكومة الوفاق برئاسة السراج، وعن مجلس النواب المنتخب في الشرق والداعم لقوات الجيش الوطني الليبي برئاسة حفتر، وكلها بيانات تؤكد على بدء تفعيل مسار سياسي لتسوية الصراع الليبي بعد وقف إطلاق النار بين الطرفين المتحاربين والقوى الداعمة لهما”.وتابع “يُعد الاتفاق على وقف إطلاق النار في ليبيا راهناً اختراقاً مهماً وإيجابياً، إذ كانت نذر الحرب تلوح في الأفق على وشك الانفجار، إثر الخلاف على هوية المسيطر على خط سرت- الجفرة الاستراتيجي، الواقع في منتصف الشريط الساحلي الليبي المطل على البحر المتوسط، قرب مرافئ النفط الرئيسية في البلاد، التي تشكل جزءاً مهماً من مقدرات ثروتها النفطية”.وأشار إلى أن بيانات الترحيب بالاتفاق، لم تتوقف عن الصدور منذ الإعلان عن إيقاف إطلاق النيران بين القوى المتحاربة، في ظل التعبئة والحشد والتربص، وفى ظل الإصرار التركي على مواصلة القتال للهيمنة على سرت عبر دعم قوات «الوفاق» وميليشياتها، وقد أعلنت البعثة الأممية ترحيبها بالخطوة، وتلتها دول مؤثرة عديدة، بعدما دعمت مصر والجامعة العربية هذا التطور الإيجابي، باعتباره «خطوة مهمة على طريق تحقيق التسوية السياسية».وأوضح أن هناك سؤالاً يبرز هنا على خلفية هذا الإعلان المفاجئ: كيف تم الوصول إلى توافق على وقف إطلاق النيران والاتجاه إلى عملية سياسية، رغم ما بدا من إصرار تركى على التصعيد، واستمرار «الوفاق» في الحشد والتعبئة والاستعداد للقتال؟.واستطرد “يمكن الإجابة بوضوح بأن الموقف المصري كان العامل الأساسي في هذا التغير، ففي شهر يونيو الفائت أرست مصر محور سرت- الجفرة خطاً أحمر، وأكدت أنها لن تقبل بتجاوزه، مؤكدة قدرتها وعزمها على حمايته، قبل أن تعلن في شهر يوليو التالي له أن إرساءها لهذا الخط إنما يمثل دعوة للسلام وليس دعوة للقتال”.وشدد على أن مصر لم تكتف بالطبع بالإعلان السياسي عن عزمها التدخل في ليبيا، بعد استيفاء استحقاقات مثل هذا التدخل السياسية والقانونية، لكنها برهنت أيضاً على هذه الإرادة من خلال عمليات لوجستية على الأرض، لتصل الرسالة واضحة إلى الأطراف المعنية، ولتبدأ في التصرف وفق ما فرضته من معطيات جديدة.وواصل “سيأتي المحللون لاحقاً ليشرحوا لنا كيف تغير مسار الصراع في ليبيا من احتمالات المواجهة المفتوحة المكلفة (التي لا يمكن استبعاد إمكانية اللجوء إليها) إلى مسار التسوية السياسية، الذي نعرف أنه سيكون مرهقاً، وسينطوي على تكاليف، لكنها لن تكون بمثل فداحة التحاور بالنيران”.واستكمل “سيجد هؤلاء المحللون أسباباً عديدة يمكن إيرادها في هذا الصدد، لكن ثمة سبباً جوهرياً سيصعب جداً تجاهله، وهو أن مصر استطاعت أن تعبر عن موقفها بوضوح وفى الوقت المناسب، وأنها لوحت باستخدام قوتها الصلبة، وهيأت المسرح لهذا الاستخدام، وهي سياسة سنحتاجها في ملفات أخرى لا تقل أهمية”.