زيارة «برنارد ليفي» تكشف ضعف «السراج» وغيابه عن المشهد ونفوذ باشاغا وسيطرته على الأرض
حالة من التخبط والقلق انتابت حكومة السراج بعد زيارة المفكر الفرنسي «الصهيوني» برنارد هنري ليفي إلى ليبيا، فبعد جدل طويل بين النفي والإثبات حول تلك الزيارة، حسم «ليفي» بنفسه أمرها بنشره صور له من مدينة ترهونة وسط حراسة، وهو الأمر الذي وضع الوفاق في مأزق صعب الفكاك منه، فأصدر مجلس السراج بيانا ادعى فيه أن لا علاقة ولا علم له بزيارة «ليفي» كما لم ينسق معه بشأنها، وأنه اتخذ إجراءاته بالتحقيق في خلفية هذه الزيارة لمعرفة كافة الحقائق والتفاصيل المحيطة بها.«ليفي» يكذب «الوفاق»كشف المفكر «الصهيوني» كواليس زيارته إلى ليبيا عبر مطار مصراتة، بعدما أثار ذلك ضجة كبرى في جميع الأوساط الليبية، حيث نشرت قناة «ليبيا الأحرار»، الأحد، مقطعا صوتيا لـ«ليفي» أرفقته بترجمة عربية لحديثه الفرنسي، ردا على عدد من التساؤلات طرحتها القناة الممولة من قطر والتي تبث من تركيا والداعمة لجماعة الإخوان المسلمين بليبيا.ونفى «ليفي» ما ذكرته حكومة الوفاق في بيان لها حول عدم علمها بزيارته، قائلا: “لقد حصلت على تأشيرة زيارة إلى ليبيا كصحفي، حتى أكتب تقريرا عن مصراتة والمنطقة الغربية بصفة عامة لصحيفة «وول استريت جورنال» الأمريكية، و«باري ماتش» في فرنسا”.وكذّب «ليفي» نفي وزارة الخارجية بحكومة “الوفاق” منحه تأشيرة لزيارة ليبيا، قائلا: “معلومات خاطئة، لقد أتيت إلى ليبيا بتأشيرة نظامية لكتابة تقرير للصحيفة التي أرسلتني، والتأشيرة ليست من وزارة الداخلية الليبية، وإنما هي تأشيرة عادية وسليمة”.وأضاف المفكر الصهيوني: “أنا لست في طرابلس، أنا في مصراتة، أنا أريد السلام ووحدة ليبيا والديمقراطية ونهاية الحرب، لأنهم عانوا الكثير من هذه الحرب، وهم عانوا من داعش والقذافي، أنا هنا لكي أدعم الليبيين، الذين عانوا طويلا، ويجب أن ينتهي كل شيء، كفى معاناة، كفى حربا”.وكشف حديث «ليفي» عن المسرحيات الهزلية الإعلامية التي أدارتها «الوفاق» حول زيارة المفكر الصهيوني إلى ترهونة، ومن بينها بث مقاطع مرئية حول إطلاق المليشيات المسلحة التابعة للسراج النار على موكبه ومنعه من زيارة مدينة «ترهونة»، وفراره إلى مدينة الخمس.وأكد برنارد ليفي، خلال حديثه أنه زار ترهونة، قائلا: “في ترهونة شاهدت شيئا حطم قلبي، توجد منطقة واسعة في ترهونة بها عديد من الضحايا المدنيين والأطفال، بعضهم ايديهم مكبلة ودفنوا في مقابر جماعية وأنا هنا لأوثق ذلك” على حد زعمه.وعن سبب التناقض في تصريحات “الوفاق” حول الموافقة على زيارته، قال ليفي: “يجب أن تسألوها، فلدي دعوة لزيارة مصراتة، وترهونة، ومدعو من قبل ليبيين وأنا معهم اليوم، فلم ألتق بأي مسؤول من الوفاق، والتقيت مع المدنيين الذين عانوا من داعش”.الوفاق تصدر بيانًاحالة الغليان التي افتعلتها الزيارة، دفع المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية لإصدار بيان، يؤكد فيه أنه لا علم له بالزيارة، ولم يتم التنسيق معه بشأنها، وأنه سيحاسب من نسقها أو رتبها.لكن التأكيدات الرسمية الليبية توضح أن ليفي وصل إلى الأراضي الليبية بعد حصوله على تأشيرة من وزارة الخارجية التابعة لحكومة الوفاق، بل إن الطائرة التي أقلته من مالطا إلى مصراتة تابعة لوزير داخلية الوفاق فتحي باشاغا.وبعد رفض قيادات محلية في مصراتة لقاء ليفي ولزيارته، أعلن باشاغا أن الزيارة “فردية وليست لها أبعاد سياسية”.وقال باشاغا مدعيا: “أي زيارة لشخصية صحفية دون دعوة رسمية من الحكومة الليبية (في إشارة إلى الوفاق) لا تحمل أي مدلول سياسي يمثل حكومة الوفاق، والرأي العام له مطلق الحرية في التعاطي والتفاعل مع أي حدث عام بالخصوص”.واتهم وزير داخلية “الوفاق” والقيادي في مليشيات مصراتة منتقدي زيارة ليفي بأنهم يستغلون الأحداث لتصفية حسابات سياسية، إذ أضاف زاعما: “حرية الصحافة والإعلام واحدة من أعمدة الدولة المدنية الديمقراطية، وحق الاعتراض على أي زيارة مكفول للجميع، ولا وصاية على الرأي العام، رغم استغلال بعض الأطراف للأحداث بغرض تصفية حسابات سياسية ضيقة”ـ على حد زعمه.وفي نفس السياق، كشف مصدر أمني مسؤول في تصريح لـ«الساعة 24» أن باشاغا منح بشكل شخصي وتوجيه مباشر لإعطاء المفكر الفرنسي من أصول يهودية ”الصهيوني” تأشيرة دخول عبر مطار مصراتة المدني اليوم السبت، صادرة من خارجية الوفاق، كما أعطى الإذن لطائرة ليفي بالهبوط في مصراتة، وكلف فرقة أمنية بتأمينه وحمايته بمقر إقامته بالمدينة.وفي نفس السياق، قالت مصادر إعلامية ليبية إن الإعلامي عماد شنب وهو مستشار وزير داخلية الوفاق فتحي باشاغا، من قام بتنسيق لقاء الصهيوني ليفي مع عضو نواب طرابلس سليمان الفقيه، ومحمد السبتي (طيارة)، ورئيس المجلس العسكري مصراتة الأسبق رمضان زرموح.من جانبها، قالت صحيفة “لا ستامبا” الإيطالية إن ليفي وصل صباح السبت إلى مطار مصراتة بدعوة من المكتب الإعلامي لوزير الداخلية فتحي باشاغا.زيارة ليفي وضعف الوفاقسلطت زيارة المفكر الصهيوني الضوء على الخلافات داخل المعسكر التابع لحكومة الوفاق، خاصة بين السراج ووزير داخليته، وفي المقابل أبدى ناشطون ليبيون قلقهم من هذه الزيارة، وعبروا عن خشيتهم من أن تكون زيارته الحالية بهدف رسم مستقبل المرحلة الليبية المقبلة، خاصة أن الشعب الليبي لا يزال يدفع ثمن المخططات السابقة التي ساقت ليبيا إلى مصيرها الحالي.وتضاربت تصريحات وبيانات قيادات حكومة الوفاق حول زيارة المفكر الفرنسي “الصهيوني”، وحاول المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق التبرؤ من الموقف المحرج بالسماح له بزيارة ليبيا من خلال أحد مطاراته، بل وتكليف قوة بحمايته خلال إقامته بأحد فنادق مصراتة فضلا عن تخصيص مجموعة من عناصر المليشيات التابعة لداخلية الوفاق لمرافقته داخل المدن الليبية.«السنوسي» يدافع عن زيارة ليفيمن جانبه دافع إسماعيل السنوسي، المتحدث السابق باسم المجلس الاستشاري، عن زيارة المفكر الفرنسي الصهيوني برنارد هنري ليفي إلى ليبيا، مشيرا إلى أنه موجود في ليبيا منذ 2011 باعتبار أنه أيد دولة فبراير وساهم في تغيير الموقف الفرنسي وتدخلها سريعا في الأزمة ضد العقيد معمر القذافي.وانتقد «السنوسي»، في مقابلة عبر «قناة ليبيا بانوراما» الذراع الإعلامية لحزب العدالة والبناء التابع لتنظيم الإخوان في ليبيا، كل المسؤولين والمواطنين الذين رفضوا زيارة “ليفي” واصفا آراءهم بـ”المنطق البائس”، ومحاولة للمزايدة والشغب وإفشال بعض النجاحات التي حققتها حكومة الوفاق بشكل عام وفتحي باشاغا بشكل خاص.ووصف الانتقادات التي وجهت إلى زيارة “ليفي” بأنها مجرد تصفية حسابات داخلية، ومزايدات فارغة، مثل ما يحدث مع رجال النظام السابق الذين تعاملوا مع إسرائيل ويهود إيطاليا.ودافع عن المفكر الصهيوني، قائلا: «إن هناك إشكالية لابد أن نتخلص منها مع الصهيونية وهو ما وجه إلى ليفي»، متابعا «أن الدول التي تدعم حفتر وغيره من النظام السابق وغيرهم تتعامل مع إسرائيل وتستقبل مسؤوليها بالورود».وواصل دفاعه عن “ليفي” قائلا: «إنه زار ليبيا كصحفي مندوب عن صحيفته وهو شخص مدني فلماذا تصرخون ضده حتى لو كان إسرائيلي»، متابعا «أن زيارته غير رسمية بدليل أن المجلس الرئاسي ليس لديه علم بها».مختتما بقوله «أن المزايدات التي حدثت ضد زيارة ليفي عبارة عن تصفية حسابات بين أشخاص موتورين ضد نجاحات وزارة الداخلية ومحاولة المشاغبة على جهود الوزير فتحي باشاغا».نشطاء: زيارة تهدف لتدمير ليبياوقال ناشط معلقا على صورة ليفي في ترهونة: “لو كان هناك قانون في ليبيا، لكنت الآن نائما في مركز احتجاز”، وذكر آخر: “هذه لعبة من ألاعيبك. ابق بعيدا عن ليبيا. لا تقم بالأمر نفسه مرة أخرى”.كما أوضح أحد الناشطين: “(الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان و(رئيس حكومة الوفاق فائز) السراج يستدعيان برنارد ليفي لاستكمال مخطط تدمير ليبيا ونهب ثرواتها”.القوات المسلحة تنفي زيارة ليفىي للرجمةوفي ذات السياق أكدت القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية في شرق البلاد على انه لا توجد أي زيارة لـ “برنارد ليفي ” إلى مقر القيادة العسكرية في الرجمة لا اليوم السبت ولا مستقبلًا وزيارته إلى مصراتة علمنا بها من خلال الإعلام .جدير بالذكر أن المفكر الفرنسي الصهيوني بيرنارد ليفي كان قد وصل في وقت سابق من صباح السبت إلى مصراتة للإجتماع بشخصيات سياسية ومسلحة من المدينة في زيارة تشمل أيضًا مدينتي الخمس و ترهونة حسب مصادر مطلعة.وكان ليفي قد ظهر في ليبيا عام 2011 وأشارت تقارير إلى أنه لعب دورا كبيرا من وراء الستار في ذلك الوقت، في إقناع فرنسا بالتدخل العسكري في ليبيا والترتيب لمرحلة ما بعد القذافي.وبعد دعمه للمعارضة في عام 2011، تحول ليفي إلى شخصية غير مرغوب فيها لكثير من الليبيين، لا سيما بسبب دعوته إلى تدخل دولي في 2011، بقيادة فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة.