الشرق الأوسط: إغلاق النفط يدفع «الوفاق» للبحث عن بدائل.. ومراقبون: «محاولة غير مجدية»
سلطت جريدة الشرق الأوسط، الضوء على إغلاق المنشآت النفطية في ليبيا وتأثيرها على مستقبل حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج.وفي تقريرها المعنون بـ” تجفيف موارد «الوفاق» في ليبيا يدفعها للبحث عن بدائل”، شدد الصحيفة على تأثير إغلاق غالبية الموانئ النفطية على ميزانية «حكومة الوفاق»، بشكل كبير مما جعلها تفكر في بدائل جديدة للإنفاق، بعدما لوّحت بإمكانية الدخول في إجراءات تقشفية، كرفع الدعم عن المحروقات، أو الاقتراض.ولفت الصحيفة في تقريرها، المنشور اليوم الإثنين، إلى أن ما يحدث يعد رسالة لـ«الجيش الوطني الليبي» الذي دافع عن عملية وقف إنتاج النفط، مستشهدة بقول «حكومة الوفاق» على لسان وزيرها للاقتصاد علي العيساوي، إن ليبيا «تملك في باطن الأرض الذهب والمغنيسيوم وخام الحديد، وهو ما قد يعد أكثر أهمية من النفط»، لكن هذه التصريحات التي دافعت عنها بقوة، نظر إليها البعض على أنها «محاولة غير جادة».وقال مهدي الأعور، نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب الليبي، إن ما طرحته «الوفاق» مجرد «أحاديث للاستهلاك المحلي ومحاولة للتهرب من الاعتراف بالواقع، بدلاً من أن تبدأ في معالجة أسباب إغلاق حقول النفط، وهي إنفاقها ببذخ على شراء السلاح، واستقدام (المرتزقة)».وقال الأعور لـ«الشرق الأوسط» إن الاهتمام بالتعدين وغيره كمصادر لتنوع مصادر الدخل أمر ضروري، لكنه تساءل «لماذا لم يتم الحديث عن هذا النشاط إلا بعد وقف إنتاج النفط؟»، وأضاف «عملية استخراج هذه الثروات من باطن الأرض قد تحتاج إنفاق مليارات الدولارات، بجانب أنها تحتاج على الأقل خمس سنوات كي تظهر النتائج، نحن لا ندعو لإهمال هذه الثروات، لكن الوقت ليس في صالح سلطات طرابلس».تفكير «حكومة الوفاق» في اتجاه التعدين، والذي استقبلته مواقع الإعلام التابعة لها بالترحيب ووصفتها بـ«الخطوة الجيدة»، نظر إليه أستاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي عطية الفيتوري، بأنه «إفلاس وتفتيش في دفاتر قديمة».وقال الفيتوري لـ«الشرق الأوسط» «سياسات مسؤولي (الوفاق) متناقضة، فهي تقر بوجود أزمة بسبب تراجع عوائد النفط، وتمارس عملية إيهام للشعب الليبي بأن الوضع تحت السيطرة، وأن الأزمة قد تحل بين خلال شهور إذا ما تم البحث عن بدائل للدخل كالتعدين أو الطاقة الشمسية، وهذا أمر غير صحيح!».وتابع: «كل هذا رغم عدم قيامها، أو شركة أجنبية، بمسح جيولوجي لتقدير حجم الثروات المعدنية بباطن الأرض، وحجمها وهل هي قابلة للاستخدام دون تكلفة ضخمة أم لا»؟ مستدركاً: «نعم توجد لدينا طاقة شمسية، وصناعات جيدة ولكنها قد تكفي الاستهلاك المحلي أو تزيد قليلاً، ولكننا نتكلم في النهاية عن دولة تعتمد بنسبة تفوق 90 في المائة في تمويل ميزانيتها العامة على النفط».وأضاف الفيتوري: «حتى الحديث عن وجود ذهب بالجنوب الليبي أمر لم يتم تأكيده من قبل أي جهة رسمية وعلمية، ودائماً ما تقتصر المعلومات عن قيام عصابات وميليشيات مرتبطة بدول الجوار الأفريقي كتشاد والنيجر باستخراجه وتهريبه خارج البلاد».ولفت الفيتوري، إلى أن مسؤولي «حكومة الوفاق» يدعون الدول والشركات الأوروبية للاستثمار بمجال التعدين واستخراج الثروات «في حين أن تلك الدول تعرف جيداً أن (الوفاق) لا تسيطر إلا على مساحة صغيرة في غرب البلاد، وأن أغلب الأراضي صارت تحت سيطرة وسلطة (الجيش الوطني)».وكان المئات من الموظفين في طرابلس، نظموا وقفات احتجاجية أمام مقر وزارة المالية بالعاصمة الأسبوع الماضي، تنديداً بتأخر رواتبهم منذ بداية العام.وتوقع الفيتوري: «أن تضطر (حكومة الوفاق) للخضوع والعمل على إيجاد توزيع عادل لعوائد النفط تفاديا للعواقب الوخيمة التي تواجهها بسبب توقف إنتاجه، إنها تستغل جزءا كبيرا من عائداته في دفع الرواتب المرتفعة لكل من (المرتزقة) والميليشيات المسلحة المتحالفة معها».وذهب أستاذ الاقتصاد بجامعة مصراتة عبد الحميد فضيل، إلى أهمية تنويع مصادر الدخل عبر عائدات أنشطة اقتصادية أخرى، لكنه رأى صعوبة إجراء ذلك في ظل الصراع العسكري المتصاعد والانقسام السياسي.ولفت فضيل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن خيارات «الوفاق» بعد انخفاض إنتاج النفط باتت محدودة وتتمثل في الاقتراض من المصرف المركزي «مما سينجم عنه ارتفاع قيمة الدين العام المحلي إلى مستويات غير مسبوقة».